الجمعة، 13 سبتمبر 2013

علم البديع


بسم الله الرحمن الرحيم
                                  جـامعة سنار                                
كلية العلوم الإسلامية والعربية
قسم اللغة العربية




مقرر البلاغة (علم البديع)

المستوى الرابع
الفصل الدراسي السابع


إعداد
د. نميري سليمان علي


علم البديع
علم البديع هو أحد علوم البلاغة الثلاثة وقد احتل علم البديع مكانة عند القدماء لما كان له من تأثير في تجميل الصوره الشعرية ، استخدمه الشعراء القدامى إلا ان الشعراء العباسيين اكثروا منه و افتتنوا به و افرطوا فيه حتى اصبح البديع عند بعض الشعراء هدفاً في ذاته و بالرجوع الى اصل الكلمة بديع فهي مشتقة من المصدر ابدع يقولون:(بدع الشئ ابدعه )  اذا اودعه على غير مثال سابق و لهذا المعنى يكون البديع بمعنى الجديد وهو من اسماء الله الحسنى ، قال تعالى : " بديع السموات و الارض اذا قضى امراً فإنما يقول له كن فيكون " .
وجاء في الحديث الشريف قوله (ص) : " إن تهامة كبديع العسل حلو أوله وحلو آخره " .
فالبديع بهذا المعنى الطيب الطريف و الحلو الجميل ، وقد استخدم القدماء البديع لهذا المعنى العام فأطلقوه على اثر جميل ومنه قول الجاحظ : "الراعي كثير البديع في شعره و بشار حسن البديع و العتابي شعره في البديع ".
والبديع يكون في الألفاظ المؤلفة و ليست في الكلمات المفردة ، قال صاحب الطراز :" اعلم ان هذا الفن من التصرف في الكلام مختص بأنواع التراكيب ولا يكون واقعاً في المفردات وهو خلاصة علمي المعاني و البيان ومصاص سكرهما ".
وعلم البديع تابع للفصاحة و البلاغة و اذن هو صفوة الصفوة وقد ألف العلماء في البديع ومن هذه المؤلفات الايضاح للخطيب القزويني وأيضاً كتاب شرح التلخيص و الف ابن ابي الاصبع المصري كتاب بديع القرآن ولأبي هلال العسكري كتاب الصناعتين أما كتاب الطراز للعلوي و للسبكي كتاب عروس الافراع وألف ابن المعتز قبل الميع كتاب البديع وهناك كتاب اخبار ابوتمام و أسرار البلاغة عبد القاهر الجرجاني ومن المحدثين شوقي ضيف البلاغة تطور و تاريخ و أمين الغولي فن القول و أحمد علي المراغي علوم البلاغة.
ولقد درس العلماء القرآن و استخرجوا منه الوان بديعية كثيرة و لقد كانت هذه الالوان من صميم صياغ القرآن و لم تكن شيئاً زائداً يمكن الاستغناء عنه وهذا ما يبطل فكرة القدامى أن البديع مهمته تزيين الصورة ومن جهة أخرى فبديع القرآن يؤكد قدم البديع عند العرب و ليس من فنون العباسيين او أنه من تأثير الثقافات غير العربية كالفارسية والهندية والرومية فهو فن عربي قديم كان يأتي عفواً على السنة الشعراء دون تكلف وقد أورد ابن المعتز المتوفي سنة 296ه نماذج كثيرة لفن البديع لشعراء جاهليين و اسلاميين و اورد امثلة اخرى من اقوال الصحابة الا أن معنى البديع تطور فأصبح يشكل اتجاهاً شعرياً جديداً قال المرزوقي : ( عندما انتهى قرض الشعر عند المحدثين وروا افتتانهم بالبديع و استغرابهم له أولع باستخدامه واراده اظهاراً للاقتدار و ذهاب على الاغراب من مفرط و مقتصد ومحمود فيما يأتيه و مذموم على الطبع او الجمال و البراعة والالتذاذ بالغرابة ".
و عرف هذا الاتجاه الشعري في تاريخ الأدب العربي بشعراء البديع على رأسهم مسلم بن الوليد و بلغ هذا الاتجاه نهايته عند أبي تمام فقد أثار هذا الاتجاه الشعري الجديد النقاد المتمسكين بالمحافظة على عمود الشعر كالأمدي و غيره الذين يرون أن البديع ليس من اسس عمود الشعر وأن المفاضلة بين الشعراء لا تكون في البديع و ذهب هؤلاء النقاد على الهجوم على هؤلاء الشعراء على اساس انهم افسدوا الشعر و لكن هذه المآخذ التي أخذت على ابي تمام و غيره جعلت بعض النقاد الآخرين يدافعون عن مذهب البديع و شعرائه كما فعل الصوى : ( فلو جاز ان يصرف عن أحد من الشعراء سرقة لوجب أن يصرف عن أبي تمام لكثرة بديعة و اخترعه و اتكائيه على نفسه ومتى أخذ معنى من غيره زاد عليه ووشحه بديعة وتمم معناه وكان أحق به".
أما النقاد المعاصرون في العصر الحديث تشددوا في الهجوم على الشعراء التقليديين المتأثرين بمذاهب البديع كما ظهر ذلك في هجوم العقاد على شعراء البديع ووصف شعرهم بقوله : " أنه شعر لا يقصد به غير الوزن و الاستكثار من محسنات الصنعة فملأه الشعراء بالتورية و الكناية والجناس والترصيع وظهر في الشعر التطريز والتشطير والتخميس و راح الشعراء يتبارون بالألفاظ و جمعها و يخرقون كلامهم بكلام غيرهم و هم لا يحسبون لا يخلون بروح الشعر ما داموا يلتزمون حروف الروي في كل بيت و حروف البحر في كل قصيدة ).
فالعقاد يشير الى أن هؤلاء الشعراء يفتفر شعرهم الى روح الشعر فقد اصبح جسدأً بلا روح وهيكلاً خاويأً من المعنى و لقد تفنن الشعراء في البديع و اكثروا منه فاذا كان عبدالله بن المعتز قد أورد سبعة عشر لوناً من البديع فقد اورد قدامة ثلاثين لوناً ثم جاء ابو هلال العسكري فأورد سبعة الوان وقد عاش في القرن الرابع و توفي 395ه اما ابن رشيق القيرواني وصل بالعدد الى خمس وستين لوناً بديعأً عاش في القرن الخامس وتوفي 463هـ أما ابن أبي الأصبع فقد ذكر انه وقف على اربعين كتاباً في البديع و استخرج منها سبعين لوناً بديعياً أضاف اليها عشرون لوناً آخر أما اسامة بن منقذ فبلغ بالعدد خمس وتسعين في كتابه التفريع في البديع ومن ناحية أخرى أن ابن سنان الخفاجي درس الألوان البديعية وقسمها الى قسمين قسم يتعلق بالألفاظ وقسم يتعلق بالمعاني وهو بذلك مهد الطريق للسكاكي الذي قسم علم البديع الى محسنات معنوية ومحسنات لفظية و هو من علماء القرن السابع وتوفي 625ه ثم جاء الخطيب القزويني وضم المحسنات التي استخرجها السكاكي و بذلك اصبح علم البديع قد استقر في شكله النهائي فيما صنعه الخطيب الذي يعد كتابه العمدة في علم البديع .
اقسام المحسنات
   تنقسم المحسنات الى قسمين :
1.     محسنات معنوية : وهي التي يكون التحسين بها راجعاً الى المعنى اولاً وبالذات ، وان كان بعضها  قد يفيد تحسين اللفظ أيضاً كالطباق بين يسر ويعلن في قوله تعالى : " يعلن ما يسرون وما يعلنون ". سورة البقرة  الاية      77وعلامته انه لو غير اللفظ بما يرادفه فقيل مثله : يعلم ما يخفون وما يظهرون ، لم يتغير المحسن المذكور .
2. محسنات لفظية : وهي التي يكون التحسين بها راجعاً الى اللفظ أصالة وإن حسن المعنى أحياناً تبقى كالجناس في قوله تعالى : " ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة " . سورة الروم 55. فالساعة الأولى يوم القيامة والساعة الثانية واحدة الساعات الزمنية ، و علامتها أنه لو غير اللفظ الثاني بما يرادفه ذلك المحسن ، فلو قيل : يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا الا قليلاً .
المحسنات المعنوية
1. الطباق :
ويسمى التطبيق ويكون في الألفاظ و يكون في المعاني فيسمى طباق لفظي وطباق معنوي و قد يكون في الاسماء او الافعال أو الحروف فنجد في الجملة كلمتين متضادتين وينقسم الى اقسام :
أ/ الطباق الحقيقي :
يكون في الالفاظ الحقيقية كقوله تعالى : " وانه اضحك و ابكى وانه امات و احيى وانه خلق الزوجين الذكر والانثى " .
فالطباق بين أضحك و أبكى و أنه امات و احيا وهي افعال وبين الذكر و الانثى و هي اسماء ومنه قوله تعالى : " و لهن مثل الذي الذي عليهن " و هو طباق بين حرفين له و عليه وجاء في الحديث " انكم تكثرون عند الفزع و تقلون عند الطمع ".
قال الشاعر :
ويوم لنا و يوم علينا        ويوم نساء و نسر


ب. الطباق المجازي :
ويسمى التكافؤ و تكون الفاظه مجازية ، مثل قوله تعالى: " اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى " .
فالمجاز في قوله اشتروا لان اشترى المقصود بها استبدل عن الطريق المجاز فوقع الطباق بين الضلالة و الهدى و يقصد بها الايمان و الكفر و المعنى اولئك الذين استبدلوا الايمان بالكفر .
قال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه : ( احذر الكريم اذا جاع و اللئيم اذا شبع ) فالطباق بين جاع ، شبع حيث استخدمتا استخداماً مجازياً  و لم يقصد بها المعنى المجازي الجوع و هو الضيم والشبع و هو الاكرام و يكون المعنى احذر الكريم اذا اضيم و اللئيم اذا اكرم.
ج . الطباق الايجاب :
ويكون في الجملة الموجبة المثبتة كما في قوله تعالى : " تؤتي الملك من تشاء  وتنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء " فالجمل هنا مثبتة غير سالبة .
د. طباق السلب :
ويكون في الجملة السالبة غير المثبتة بأن يجتمع في الجملة امر و نهي و اثبات و نفي كقوله تعالى : " تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك " فالطباق طباق سلب فالجملة فيها نفي واثبات .


هـ . طباق الايهام :
هو أن يتوهم الانسان في لفظ انه ضد لفظ ولكن ليس في الواقع ضده كقول دعبل الخزعمي :
لا تعجبي يا سلمى من رجل     ضحك المشيب برأسه فبكى
فكلمة ضحك ليست ضد بكى لأنها استعارة لكثرة الشيب و لكن اللفظ يوهم ضده .
الطباق المعنوي
وهو يكون بين المعاني وليست بين الالفاظ قال المقنع الكندي :
لهم جل مالي ان تتابع لي غنى     وان قل مالي لا اكلفهم رفدا
فالطباق بين قل مالي وبين تتابع لي غنى أي يقصد بها كثر مالي الطباق بين كثرة المال وقلته و من امثلته ايضاً قوله تعالى : " ان انتم الا تكذبون قالوا ربنا يعلم انا اليكم لمرسلون " فالطباق بين ان انتم الا تكذبون و بين ربنا يعلم انا اليكم لمرسلون أي تعني اننا صادقون .
فالطباق اللفظي و المعنوي يمكن ادراكهما بقليل من التأمل لكن هناك نوع من الطباق يكون المعنى فيه غامضاً لذلك يسمى الطباق الخفي ومثاله قوله تعالى : " لكم في القصاص حياة " فالطباق في الايه يكون اذا فهمنا القصاص بمعنى القتل الذي يكون عقوبة تتسبب عنها الحياة عندما يمتنع عن القتل فيبقي على حياته و حياة الاخرين.
والعرب تقول : ( القتل انفى للقتل ) و لكن معنى الايه ابلغ من المثل العربي لان القتل القصاص لا يجر قتلا اخر انما القتل الثأري يجر دماء.
قال تعالى:  "مما خطياتهم اغرقوا فادخلوا النار "
فالطباق بين نار و بين الماء الذي من صفاته الاغراق .
والطباق يحسن اذا صحبه لون او اكثر من لون من الوان البديع و يسمى في هذه الحالة الطباق الموشح فمثل ذلك قوله تعالى : " هو الذي يريكم البرق خوفاً و طمعاً " فالطباق في الاية بين خوف و طمع كما فيها لون بديعي آخر و هو ما يسمى بحسن التقسيم وهو ان يقسم المرء الشئ الى اقسام لا يمكن الاستدراك عليها فالبرق مثلاً ينظر اليه اما طمعاً في المطر او خوفاً من الصواعق .
قال تعالى : " تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت و تخرج الميت من الحي و ترزق من تشاء بغيرحساب" في هذه الايه طباق في تولج و تخرج ، الليل و النهار ، حي و ميت كما فيها لون بديعي اخر العكس و التبديل في ترتيب الالفاظ والعلاقة بين عجز الاية وصدرها ان الذي يفعل تلك الافعال العظيمة لا يعجزه ان يرزق بغير حساب ومثال ذلك في بلاغة التكميل قول امرئ القيس :
مكر مفر مقبل مدبر معاً  * كجلمود صخر حطه السيل من عل
الطباق بين مكر و مفر ، مقبل ومدبر و التكميل في قوله معاً تشير الى ان الفرس يأتي بهذه الحركات الفر الكر الاقبال و الادبار في زمن متقارب في قوله كجلمود لون بديعي آخر و هو الاستطراد .
قال ابو تمام :
بيض الصفائح لا سود الصحائف  *   في متنهن جلا الشك و الريب
الطباق في بيض وسود وقد صحب هذا الطباق في قوله: الصحائف و الصفائح .
المقابلة
المقابلة نوع من انواع الطباق الا انها تكون في اكثر من كلمة وقد تصل الى ستة الفاظ وهي ان يضع الشاعر معاني ويحاول التوفيق بينهما اما بالاتفاق او المخالفة كقول الشاعر:
فوا عجباً كيف اتفقنا و ناصح   وفي مطوي على الغلي غادر
فالمقابلة بين وفي و غادر ومطوي على الغل .
ومنه المقابلة قول ابو الطيب المتنبي :
فلا الجود يفني المال والجد مقبل     ولا البخل يبقي المال والجد مدبر
وقال ايضاً:
ازورهم وسواد الليل يشفع لي     وانثني وبياض الصبح يغر بي
البيت كله مقابلة ومثله قول أحد الشعراء :
على رأس عبد تاج عزٌ يزينه     وفي رجل حر قيد ذل يشينه
المقابله تكون في الالفاظ كما رأينا وقد تكون في غير الالفاظ كما في قوله تعالى يصف الصحابة رضوان الله عليهم : " أشد على الكفار رحماء بينهم " فالمقابلة هنا بين أشد ورحماء ولكن الشدة ليست ضد الرحمة ولكن الشدة ضد اللين و لما كان اللين سبباً في الرحمة صحت المقابلة بين أشداء ورحماء ومن ذلك قوله تعالى : " ان تصبك حسنة تسوؤهم وان تصبك مصيبة يفرحوا بها". فالمقابلة  بين حسنة التي ضد السيئة الا ان المصيبة ليست ضد الحسنة انما المصيبة تقترب من السيئة فكل مصيبة سيئة لأجل ذلك صحت المقابلة بين الحسنة و السيئة. 
ومن المقابلة ما يكون خفياً لا يظهر معناه ويحتاج الى تفكير كقوله تعالى في وصف الجنة : " إن لك  أن لا تجوع فيها و لا تعرى وانك لا تظما فيها و لا تضحى " فالمقابلة بين الجوع و العري و الظمى و الضحيان  لأن الجوع خلو البطن من الطعام  و العري خلو الجسد من الثياب  والظمي احتراق الباطن والضحيان احتراق الظاهر  وتكون المقابلة بين خلو وخلو  واحتراق واحتراق وقد ذكر قدامة بن جعفر ما أطلق عليه فساد المقابلة وذلك عندما يكون احد المعنيين لا يخالف الاخر ولا يوافقه   كقول الشاعر :
يا ابن خير الاخيار من عبد شمس    *   انت زين الدنيا و غيث الجنود
قال قدامة قوله غيث الجنود لا يتفق مع قوله زين الدنيا و ليس ضده و لذلك فسدت المقابلة وذكر مثل ذلك ابو هلال العسكري و قال : فساد المقابلة ان تذكر معنىً يقتضي الحال ذكرها بموافقة او مخالفة فيأتي بما لا يوافق و لا  يخالف بأن تقول : فلان شديد البأس نقي الثغر. أو تقول فلان جواد الكف ابيض الثوب وهذه المعاني لا تتناسب بينها.
مراعاة النظير
وتسمى التناسب و المؤاخاة ويقصد بها ان يختار المتكلم من الالفاظ ما يناسب المعاني التي يريدها فيختار الالفاظ السهلة و يتضح ذلك في الحديث الشريف في وصف اهل الجنة و اهل النار قال (ص) :" ألا اخبركم بأهل الجنة كل ضعيف منصعف غير ذي طمرين لا يأبه لو أقسم على الله لا بره الا اخبركم عن اهل النار كل عتل جواد متكبر "
فالالفاظ التي اختيرت في وصف اهل الجنه تناسب حالهم من الرقة والسهولة والالفاظ التي اختيرت في وصف اهل النار توافق حالهم من الشدة والغلظة ، وهذا أمر تجب مراعاته في جميع الاساليب ليتفق مع المعنى.
وهنالك تناسب آخر يتعلق بالاسلوب و هو تناسب للالفاظ حيث توضح بطريقة مناسبة كما في قوله تعالى : " والشمس والقمر بحسبان ".
فان كلمة شمس تناسبها قمر و كلاهما كوكب مضئ فكان التناسب .
و من التناسب قول ابن رشيق :
اصح ُ واقوى ما سمعناه في الندى *    من الخبر المأثور منذ قديم
احاديث ترويها  السيول عند الحيا  *  عن البحر عن كف الامير تميم
فالتناسب بين الصحة و القوي و السمع و الخبر  و الاحاديث والرواية والسيول والحيا والبحر وكف الامير تميم فجاءت الالفاظ مرتبة ترتيباً يشبه ترتيب علماء الاحاديث .
ومن مااعاة النظير او التناسب ما يسمى الاطراف وهوان يأتي الشاعر بكلمة في اخر البيت عند القافية ثم يعيد الكلمة في اول البيت الثاني كقول ليلى الأخيلية تمدح الحجاج اذ تقول :
اذا نزل الحجاج ارضاً مريضة    *   تتبع اقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العضال بها    *    غلام اذا هز القنا سقاها
سقاها فرواها سجالها            *   دماء رجال يحلبون ضراها
قال ثوبة بن الحمير عاشق ليلى الاخيلية :
لو ان ليلى الاخيلية سلمت   *   علي و دوني تربة و صفائح
لسلمت تسليم البشاشة اوذق  * اليها صدى من جانب القبر صالح
و اقبط من ليلى بما لا اناله   *  والا كل ما غرة به العين صالح
أسلوب المبالغة
المبالغة المفاعلة من الفعل بلغ و يقصد بها الزيادة في الوصف بأن يصف المتكلم الشئ بصفة زائدة .
والعرف و العقل هما الطريق لمعرفة الصفة و المبالغة تحدث عنها ابن المعتز في كتاب البديع من بين الاشياء التي ذكرها الا انه جاء لها بأمثلة و لم يشرح تلك الامثلة ولم يبين انواعها ولكن البلاغيين المتأخرين فصلوا القول في المبالغة و قسموها الى ثلاثة اقسام هي :
التبليغ ، اغراق، غلو
التبليغ : هو ان يصف المتكلم الشئ بصفة يقبلها العرف والعقل كقول امرئ القيس يصف فرساً بالسرعة فقال :
فعدا عداء بين ثور ونعجة        دراكاً فلم ينضج بماء فيغسل
المبالغة في البيت في وصف سرعة الفرس الذي لحق بالثور و النعجة في مضمار واحد دون ان يعرق جسمه لكن هذه الصفة الزائدة في السرعة يقبلها العقل كما ان الواقع يشير الى انه قد يوجد فرس بهذه السرعة .
الاغراق : فهو صفة زائدة يقبلها العقل و لكن العرف لم يجري بها كقول الشاعر :
ونكرم جارنا ما دام فينا      ونتبعه الكرامة حيث سارا
البيت الاول ليس فيه مبالغة ثم الشطر الثاني و هي اكرام الضيف في حالة رحيله.
قال حسان بن ثابت:
لو يدب الحولي من ولد    الذر عليها لندبتها الكلوم
في هذا البيت اغراق لان الخيال يتصور لان العرف لم يجري به ومن ذلك قول ابو الطيب يصف نحوله :
كأني هلال الشك لولا تأوهي    خفيت فلم تبدأ العيون لرؤيتي
ومثل ذلك قوله ايضاً :
كفى بجسمي نحولاً انني رجل    لولا مخاطبتي اياك لم ترني
الغلو:
وهو شدة المبالغة في الوصف و قد يكون الغلو مقبولاً و قد لا يقبل و من امثلة الغلو قول الشاعر:
اسكر بالامس اذا عزمت على       الشراب غدا ان ذا من العجب
قال الشاعر يصف نفسه بصفة مستحيلة عرفا وعقلا و لكنها تدل على خيال و طرافة وتدخل في باب النوادر والفكاهة اما اذا كان الغلو يمس جانباً مقدساً فهذا النوع الذي يرفضه النقاد  لانه ينافي الذوق العام و يصدم اصحاب العقائد الدينية كقول ابي نواس يمدح الرشيد :  
اخفت اهل الشرك حتى انه       لتخافك النطف التي لم تخلق
وقد اخذ على الشاعر هذه المبالغة التي يرفع فيها الممدوح الى درجة انه تخافه النطف في عالم الغيب حيث تبعد الاشارة الى تلك اللحظة التي خاطب فيها الله  سبحانه وتعالى الناس في ظهور ابائها " لست بربكم قالوا بلى " فالصفة ليست مقبولة في العرف والعقل ولكن احيانا يضيف المتكلم بعض الادوات التي تجعل المبالغة مقبولة كأن يستخدم فعل المقاربة كاد او اداة الفرض لو .
مثال كاد : كقوله تعالى :" يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار " الفعل يكاد يجعل المبالغة مقبولة لانه يكاد يشتعل الا انه لم يشتعل ، قال الشاعر يصف فرسا بالسرعة :
يكاد يخرج سرعة من ظله          ولو كان يرغب في فراق رفيق
مثال لو : قوله تعالى :" لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله ".فاستخدام كلمة (لو) جعلت صفة التصدع للجبل ممكنة وهذا النوع من المبالغات التي تذهب بعيداً بالصفة قد تكون فيه طرافة و دليل على الذكاء كقول النظام
توهمه طرفي بالام طرفه       فصار مكان الوهمي في خده اثر
ومر بفكر خاطره فجرحه       فلم أرى خلقاً قط يجرح الفكر
الفكره تبدو مستحيلة في ان يؤثر النظر والفكر و يحدث اثراً مادياً لاجل ذلك كانت طرافة الفكرة رغم انها تبدو مستحيلة في ان يؤثر النظر و الفكر و يحدث اثراً مادياً لأجل ذلك كانت طرافة الفكرة رغم انها تبدو مستحيله في العقل وقريب من هذا قول الشاعر يصفانسان بطول النف
لك انف يا ابن حرب *  انفت منه الانوف
انت في القدس تصلي * وهوفي القدس يطوف
فالصورة مستحيلة في نظر العقل  والعرف ولكنها مقبولة لأنهاتدخل في باب التنذر والفكاهة و الرسم الساخر وهذا النوع من المبالغات يكثر في باب الهجاء وفي شعر المدح وشعر الغزل قال النابغة يصف امرأة بطول الجيد :
اذا ارتعشت خاف الجبان ارتعاشها    ومن يتعلق حيث علق يفرق
فالشاعر يصف في هذا البيت ويبالغ في وصف عنق هذه المرأة
قال تعالى : " لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" فالمبالغة في وصف الجمل في انه يدخل يدخل سم الخياط قال البحتري يمدح المتوكل :
لو أن مشتاقاً تكلف فوق ما        في وسعه لسعى اليك المنبر
فالصورة لم تكن جديدة لكنها تدل على الخيال و الطرافة و النقاد أخذوا بعض المأخذ على المبالغات التي تخرج على اللياقة كما اشارنا اليها عند ابي نواس الذي ذكرناه و ايضاً قوله في الرشيد:
فلا يعتذرون عليك عفو      وسعت به جميع العالمين
من المآخذ التي اخذت على ابي الطيب من قبل النقاد موضوع المبالغة في الجانب العقدي عاقب به النقاد ابي الطيب المتنبي في مثل قوله في مدح سيف الدولة :
لو كان علمك بالاله مقسماً      بين الناس لما بعث الله رسول
او كان تفضلك فيهم منزلاً      ما انزل القرآن و التوارت والانجيل
هذه القضية تعرض لها في الوساطة القاضي عبد القاهر الجرجاني وحاول أن يفصل بين الشعر و الدين وأن ضعف الاعتقاد لا يكن سبباً في رفض الشعر واستشهد على ذلك بشعر الجاهلين وشعر المشركين و شعر ابي نواس وقال ان ضعف الاعتقاد لم يمنع بقبول اشعار هؤلاء الامران متبينان و الشعر بمعزل عن الدين ".
وقد يذهب بعض الشعراء في هذا الجانب مذهباً بعيداً خاصة شعراء الشيعة مثل : ابن هاني الاندلسي الذي مدح الخليفة القاطمي المعز لدين الله بقوله :
ما شئت لا ما شاءت الاقدار      فأحكم فأنت الواحد القهار
فكأنما انت النبي محمد            وكأنما انصارك الانصار
انت الذي كانت تبشرنا به          في كتبها الاحبار والاخيار
فالشاعر يبالغ في رفع الممدوح الى مرتبة الالوهية ويشبهه بالنبي محمد (ص) وهذا ما يجعل المبالغة تصدم الذوق ولا تكون مقبولة.
يقول سيف الدين الدسوقي :
ركعت اقبل امدرمان    هذه العاصمة الانثى
اهواها مذ كنت غراما   في عيني امي و ابي
ونذكر مثالا اخر وصفه ابن المعتز بأن الشاعر وهو الخزعمي وقد اسرف الى حد الخروج على المعهود حين يقول
يدلي يديه الى القليب فسيتقى   في سرجه بدل الرشاء المكربي
ومن امثلة ابن المعتز في قول أحدهم في الهجاء :
تبكي السموات اذا ما دعا    وتستعيذ الارض من سجدته
اذا اشتهى يوما لحم القطا    صرعها في الجو من نكهته
 هذه الصورة تخالف ما هو معروف ومعقول وهي تدخل في باب الغلو ومثلها ما ذكره ابن المعتز ايضا في شعر الهجاء في قول احدهم يصف انسان بالبخل :
يا حبس الروسي في اعفاجي بغلته   صونا على الحب من لقط العصافير
هذا الانسان لشدة بخله يحبس الروسي حتى لا ينزل الى الارض فتلتقطه العصافير اذن فابن المعتز ذكر المبالغة بانواعها المختلفة من خلال هذه الامثلة التي رأيناها الا انه لم يفصل ولم يحلل ولم يقسم وهذا ما فعله البلاغيون بعده كالأمدي ومن جاء بعده فابن المعتز توفي 274ه أي في القرن الثالث الهجري والامدي توفي 370ه أي في القرن الرابع الهجري وقد ذكر بعض الامثلة في كتابه الموازنة و هي ذات الامثلة التي ذكرها ابن المعتز راجع كتاب ابن المعتز ص60-68.
ومن امثلته النثرية قول احد الاعراب يصف فرسا فقال :" ان الوابل ليصيب عجزه فما يبلغ معرفته حتى ابلغ ما اريد ".
التوجيه والإيهام
هو ان يكون الكلام محتمل في وجهين عن المعاني سمي ايهام لأن السامع يتوهم في المعنى مثال ذلك قول بشار بن برد في رجل اعور اسمه عمر حيث قال :
خاط لي عمر قبعا     ليت عينيه سواء
فالمعنى يحتمل في وجهين ان يكون دعا عليه بأن يطمس الله على عينه الاخرى و هكذا فالمعنى يوهم أي المعنيين يقصد الشاعر و عن التوجيه قوله (ص) :" اذا لم تستحي فاصنع ما شئت " فالمعنى يحتمل المدح فيكون اذا لم تفعل عمل تستحي منه فاصنع ما شئت كما يحتمل الذنب اذا كنت بغير حياء فاصنع ما شئت .
وقد ذكر من التوجيه الحديث عن اليهود في مخاطبتهم النبي (ص) في قوله تعالى :" من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه  ويقولون سمعنا و عصينا واسمع غير مسمع  رعنا لياً بالسنتهم و طعناً في الدين "
قال الزمخشري :" إن قول اليهود اسمع غير مسمع يحتمل المرح أي اسمع حال كونك غير مسمع مكروها ويحتمل الذم اسمع مدعواً عليك بلا سمعت ، قال الزمخشري :" ان قول اليهود دعنا يحتمل معنيين الاول اقبل علينا والثاني أن كلمة دعنا عبرانية او سريانية تفيد معنى الشتم و السب كان اليهود يتسابون بها و هذا يدخل في معنى الاستهزاء بالدين والرسول الكريم (ص).
قال ابو الطيب في مدح كافور :
وغير كثير ان يزورك راجل   فيرجع ملكاً للعراقين والياً
في هذا القول ظاهره المدح يعني من يزورك يا كافور يفيد منك الامور العالية التي منها الامارة و الولاية وباطنه الذم و الهجاء هو ان من يراك يا كافور قد صرت ملكاً ضاقت به نفسه زرعاً ولا يرضى الا ان يصير ملكاً فيبلغ ما بلغت لأنه يلوم نفسه عن التقصير في البلوغ ما بلغت فكثير من شعر ابي الطيب  في كافور يتضمن هذا المعنى ومثل ذلك قوله :
يضيق على من رآه القدر     أن يرى ضعيف المساعي أو قليل التكرم
فهذا البيت يتضمن معنى البيت السابق هو ان من يرى كافور ليس له أي عذر ان يكون ضعيف المساعي نحو الامور العالية او ان يكون بخيل قليل التكرم .
الاستتباع
وهو ان يأتي المعنى  فيتبعه معنى اخر فاذا مدح شاعر انساناً بصفة تبعت تلك الصفة صفة أخرى كقول ابي الطيب في مدح سيف الدولة :
نهبت من الاعمار ما لم حويته     لهنئت الدنيا بانك خالد
فالشاعر مدح سيف الدولة بانه شجاع ينهب اعمار الاعداء لأن كثرة القتل كناية عن الشجاعة ثم اتبع هذا المعنى معناً اخر هو ان سيف الدولة لو حوى تلك الاعمار التي نهبها لعمر الدنيا تعميراً يهنى به الدهر لانه سوف يصلح بخلود سيف الدولة الذي يقتل المفسدين
الادماج
وهو ان يتضمن الكلام معنى اخر غير المعنى الذي صيغ له وهو اعم من الاستتباع  كقول المتنبي:
اقلب فيه اجفاني كاني     اعد بها الدهر ا لذنوب
فالبيت يحوي معنى الوصف لطول الليل كما يتضمن معنى اخر مدمجا في المعنى الاول و هو الشكايه للدهر ومن الادماج قول ابن المعتز:
قد نغض العاشقون ما     صنع الهجر بالوانها على ورق
فالشاعر يصف الورد الخيري بالصفرة وقد ادمج في هذا المعنى معنا اخر وهو فعل الهجر بالعاشقين وهذا معنى الادماج.
التفويف
التفويق يكون في الالفاظ والمعاني وهو ان يأتي الكلام في جمل كل جملة منفصلة عن الاخرى ولكنها تساويها في الوزن مثلاً قوله تعالى :" الذي خلقني فهو يهديني والذي يطعمني ويسقيني و اذا مرضت فهو يشفيني والذي يميتني و يحييني والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين ربي هب لي حكماً و الحقني بالصالحين ".
ومن قول الشاعر :
ولو أن ما بي بجبال لدكدكة   وبالنار اطفاها وبالماء لم يجر
وبالناس لم يحيوا وبالدهر لم يكن   وبالشمس لم تطلع وبالنجم لم يسر
اما التفويق بالمعنى وهو أن يصف الشاعر أو غيره انساناً بصفة تدل على المدح ثم يورد صفات في ظاهرها انها تفيد الذم ولكنها لأقترانها ببعض الالفاظ تتحول لمعنى المدح و مثال ذلك قول جرير :
هم الاخيار منسكة وهديا        وفي الهيجا كانهم صقور
بهم حرب الكرام على المعالي    وفيهم من مساوئهم فتور
خلائق بعضهم منها كبعض    يؤم كبيرهم فيها الصغير
عن النكراء كلهم غبي          وبالمعروف كلهم بصير
فقوله صقور ذم الا انه لما جعلهم صقورا في الهيجا كان مدحا وقوله فيهم عن مساوئهم فتور فالفتور صفة ذم لأنه يعني الذم والضعف والعجز ولكن لما اقترنت بقوله حدب الكرام على  المعالي حول المعنى الى المدح فهم يحدبون على الامور العالية السامية فيفترون على المساوئ و قوله يؤم كبيرهم فيها صغيرهم ذم الا انه لما اقترن بقوله خلائق بعضهم فيها كبعض حوله الى مدح حيث يتساوى الصغير و الكبير في الفضل و كلهم امام و قوله عن النكراء كلهم غبي فيه ذم الا انه لما اقترن بقوله كلهم يصير تحول الى معنى المدح فالصفات متساوية يسير بعضها مع بعض و هذا معنى التفويق حيث يطرز الشاعر المعاني كما يطرز الالوان .
الارصاد
هو أن يكون اول الكلام دالاً على آخره ويكثر في القران الكريم و الشعر و هو دليل على ارتباط المعاني بالالفاظ كقوله تعالى :" مثل الذين اتخذوا  من دون الله اولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً و ان اوهن البيوت لبيت العنكبوت " فلو وقف المتكلم عند اهون البيوت لعلم السامع ان بعده بيت العنكبوت لأنه المعنى المناسب.
قال تعالى فمنهم من ارسلنا عليه حاصباً ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من اغرقنا وما كان الله ليظلمهم و لكن كانوا انفسهم يظلمون ".
فلو وقف المتكلم عند قوله ولكن كانوا انفسهم لعلم السامع ان بعده يظلمون.
قال الشاعر:
لربما اعتصم الحليم بجاهل       لا خير في يمنى بغير يسار
قال البحتري :
فاذا حاربوا اذلوا عزيزاً           واذا سالموا اعز ذليلاً
العكس و التبديل
وهو أن يتقدم جزء من الكلام ثم يؤخر كما بقوله تعالى :" تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل "ومثل : جار الدار اولى بدار الجار.
قال بعضهم عندما سئل : كيف أنت ؟ قال : أجد ما لا اشتهي و اشتهي ما لا أجده وأنا في زماني سواء وان وجد لم يجد ومن جاد ولم يجد .
قال الشاعر :
ويجمع المال غير اكله    ويأكل المال غير من جمع
ويقطع الثوب غير لابسه   ويلبس الثوب غير من قطع
وهذا العكس كما ترى في الالفاظ تبادل المواقع ولكن هناك عكس في المعاني كقول الاخطل :
قد يدرك المتاني بعض حاجته    وقد يكون مع المستعجل الذلل
قال اخر :
ربما فات بعض الناس امرهم     مع الثاني و كان الحزم ولو عجل
وقال اخر :
اذا رايت فتى ماجد              فظن بعقل ابيه السخف
قد يلد النجب غير النجب      وهل يلد الدر الا الصدف
وقد عكس هذا المعنى في قوله :
فاذا رأيت فتى ماجد      فكن بابنه سئ الاعتقاد
التورية
ماخوذه من الفعل وارى يواري بمعنى غطى يغطي ومعناها في الكلام عدم وضوح المعنى فالكلمة الواحدة تحتمل معنيين معنى قريب و اخر بعيد قال الزمخشري :" ولا ترى في البيان باباً أدق والطف من التورية"
وقال الصفري : "  من البديع ما هو نادر الوضوح ملحق بالمستحيل الممنوع وهو نوع من التورية و الاستخدام ".


مثال التورية :
قوله تعالى :" ويطوف عليكم ولدان مخلدون " فالتورية في قوله تعالى مخلدون فهي تعني الخلود و البقاء كما تعني ايضاً الحلقة التي تعلق على الاذن وهذا المعنى هو المراد .
مثال اخر :
قال تعالى :"ويبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان و جنات "
فكلمة رضوان تعني خازن الجنات كما تعني الرضا وهو المعنى المراد
تنقسم التورية الى ثلاثة اقسام ( موشحة ، مبينة، مجردة )
1. التورية الموشحة :
وهي التي يذكر فيها ما يلائم المعنى القريب كقول الشاعر يصف امرأة اسمها شجر
يا حبذا شجر وطيب نسيمها    ولو انها تسقى بماء واحد
فكلمة شجر لها معنيين قريب هو الشجر ذو الساق و المعنى البعيد اسم تلك المرأة ويوجد في الكلام ما يوشح المعنى القريب وهو قول طيب نسيمها و تسقى بماء واحد .
2. التورية المبينة :
وهي عكس الموشحة وهي ان يذكر فيها ما يلائم المعنى البعيد كقول الشاعر:
اما والله لو خوف سخطك         لهان علي ما القى برهضك
ملكتي الخافقين فتهتي عجباً     وليس هما سوى قلبي و قرطبي
التورية في كلمة الخافقين ولها معنى قريب وهو المشرق و المغرب و معنى بعيد القلب و القرط .
التورية المجردة :
هي التي لا يذكر فيه ما يلائم المعنى القريب او ما يلائم المعنى البعيد مثالها قول ابي بكر رضي الله عنه عندما سأل في طريق الهجرة مع النبي (ص) من انتما فقال باع وهاد فكلمة باع لها معنى قريب وهو الشخص الذي ضل بعيره وهو يبحث عنه ومعنى بعيد وهو الشخص الذي يهدى من الضلل أي ليس في الكلام ما يقوى المعنى القريب او البعيد أي ليس فيه ترشيح او تبين وهذا معنى التجريد في التورية.
الاستخدام
هو ذكر اللفظ بمعنى و اعادة ضمير او اشارة عليه بمعنى اخر او اعادة ضميرين عليه تريد بثانيهما غير ما تريد بأولهما ، فالأول كقوله تعالى :" فمن شهد منكم الشهر فليصمه ".
فالمراد بالشهر الهلال و بضميره الزمان المعلوم .و قول ابن معتوق الموسوي المتوفي سنة 1025ه
تالله ما ذكر العقيق و اهله         الا اجراه الغرام بمحجري
اذ المراد بالعقيق الوادي الذي بظاهر المدينة ببلاد الحجاز و بالضمير الذي يعود اليه الدم الاحمر الشبيه بالعقيق و الثاني كقوله
رأى العقيق فأجرى ذاك ناظره    متيم لج في الاشواق خاله
فقد اراد بالعقيق اولا المكان ، ثم اعاد اسم الاشارة اليه بمعنى الدم .
و الثالث كقول شوقي يخاطب الاله جل و علا :
العقل انت عقلته و سرحته      و احرت فيك دليله و ارحته
اتيته الحجر الاصم و غته       والنجم يعبد فوقه او تحته
فالنجم يطلق على ما لا ساق له من النبات و على الكواكب وقد اعاد اليه الضمير الاول في فوقه بمعناه الاول وفي تحته بمعناه الثاني.
ونحو قول البحتري :
فسقى الغضا و الساكنيه و ان همو      شبوه بين جوانح وقلوب
فقد اراد بضمير الغضا في قوله : " الساكنيه المكان و في قوله : شبوه أي  اوقدوة الشجر .
حسن التعليل
هو ان ينكر الاديب صراحة او ضمنا علة الشئ المعروفة و يأتي بعلة اخرى ادبية طريفة لها اعتبار لطيف تناسب الغرض الذي يرمي اليه مثل قول ابن هرمة :
احب الليل ان خيال سلمى       اذا نمنا الم بنا فزارا
فالكثير منا يحب الليل للسمر او الراحة او لغيرهما ولكن لم يحب احد الليل حقيقة من اجل ان يحلم بالمحبوبة لأن هذا الشئ غير مضمون ، ففي البيت حسن تعليل من ابن هرمة لحبه الليل يرمي بذلك الى بيان انشغاله بمحبوبته و هيامه بها و هو غرضه المنشود .
اقسامه اربعة : لأن الوصف اما ثابت  قصد بيان علته ، او غير ثابت اريد اثباته ، و الثابت اما الا يظهر له علة في العادة او يظهر له علة غير المذكورة وغير الثابت اما ممكن او غير ممكن .
1. فالاول ، كقول ابي تمام :
لا تنكري عطل  الكريم  من الغنى     فالسيل حرب للمكان العالي
فقد جعل حرمان الكريم من الغنى هي العلة التي من اجلها حرم المكان العالي السيل ، فكما ان العلو هو السبب في حرمان المكان العالي كذلك علو قدر الكريم هو المانع له من الغنى الذي هو كالسيل في حاجة الخلق اليه .
ومما جاء بديعاً نادراً من هذا الضرب قول ابي هلال العسكري :
زعم البنفسج انه كعذارة    حسناً فسلوا من قفاه لسانه فخروج ورقة البنفسج من الخلف مما لا تظهر علته لكنه جعلها الافتراء على المحبوب .
2. و الثاني كقول المتنبي :
ما به قتل اعاديه ولكن        يتقي اخلاف ما ترجو الذئاب
جرت العادة بأن الملوك انما يقتلون اعدائهم ليسلموا من اذاهم و ضرهم ، ولكن ابا الطيب اخترع  سبباً غريباً وتخيل ان الباعث له على قتل الاعادي لم يكن الا محبته لاجابة من يطلب الاحسان ، فهو قد فتك بهم لعلمه علم اليقين بأنه اذا غدا للحرب رجت الذئاب و الوحوش الضواري ، وتنال من علوم اعدائه القتلى ، فما اراد ان يخيب لها مطلباً و لطيف هذا النوع قول ابي المعتز :
قالوا اشتكت عينه لهم            من كثرة القتلى نالها الوصب
حمرتها من دماء من قتلت         والدم في النصل شاهد عجب
3. والثالث ، كقول مسلم ابن الوليد:
يا واشياً حسنت فينا اساءته        نجى حذارك انساني من الغرق
فإن استحسان اساءة الواشي ممكن لكنه لما كان مخالفاً عليه الناس الى تعقيبه بذكر سببه وهو حذره من الواشي ولاجل ذلك امتنع من البكاء ، فسلم انسان عينه من الغرق في الدموع .
4. و الرابع كمعنى بيت فارسي ، ترجمته :
لو لم تكن نيةالجوزاء خدمته     لما رايت عليها عقد منتطق
فنية الجوزاء خدمة الممدوح صفة غير ممكنة قصد اثباتها وجود الدليل على ذلك شدها النطاق .
ومما يلحق بحسن التعليل و ليس منه ما بنى على الشك كقول ابي تمام:
ربا شفعت ريح الصبا لرياضها      الى المزن حتى جادها وهو هامع
كأن السحاب الغرغبين تحتها         حبيبا فما ترقا لهن مدامع
فقد علل على سبيل الشك نزول المطر من السحاب بأنها غيبت حبيبا تحت تلك الربى فهي تبكي عليه
تاكيد المدح بما يشبه الذم
وهو على ضروب ثلاثة:
1. وهو ابلغها ان يستثني من صفة ذم منفية عن الشئ صفة مدح بتقدير دخولها فيها ، وذلك هو الغاية القصوى في المدح كقول النابغة الذبياني :
ولا عيب فيهم غير ان سيوفهم     بهن فلول من قراع الكتائب
فقد اثبت لهم شيئاً من العيوب بتقدير عدد فلول السيف من المعايب وهذا محال ، لأن ذلك دليل كمال الشجاعة و فرط الحمية فكأنه في تعليق على المحال ، كما قالوا في الامثال : حتى يبيض الفار ، وحتى يلج الجمل في سم الخياط ، وفي هذا الاسلوب تأكيد من وجهين :
أ. أنه كدعوى اقيم عليها البرهان ، اذ كأنه استدل على نفسي العيب عنهم بتعليق وجوده على وجود ما لا يكون و ما لا يتحقق بمال .
ب. أن الاصل في الاستثناء الاتصال ، فاذا تلفظ المتكلم بغير او الا او نحوها دار في خلد السامع قبل النطق بما يذكر بعدها ان الاتي مستثنى من المدح السابق ، وانه يراد به اثبات شئ من الذم وهذا ذم ، فاذا اتت بعدها صفة مدح تأكد المدح لكونه مدحاً على مدح في ابهى قالب و انق منظر .
ونظيره قول ابن الرومي :
وما تعتر بها افة بشرية          من النوم الا انها تتخير
كذلك انفاس الرياض سحره       تطيب و انفاس الرياض تغير
وقوله تعالى :" لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً الا قيلاً سلاما سلاما ".
2. ان يثبت لشئ صفة مدح وتعقب بأداة استثناء تليها صفة مدح اخرى كقوله عليه السلام :" انا افصح العرب بيدا اني من قريش "
وقال النابغة الجعدي :
فتى كملت اخلاقه غير انه    جواد فما يبقى من المال باقيا
وهذا الضرب يفيد التأكيد من الوجه الثاني فقط ومن ثم كان الضرب الاول ابلغو اجمل .
3. أن يؤتى بالاستثناء المفرغ كقوله تعالى : " وما تنقم منا  الا ان آمنا بايات ربنا لما جاءتنا ".
اذ المعنى : وما تعيب منا الا  اسس المناقم و دعائم المفاخر كلها وهو الايمان بآيات الله .
ويجري الاستدراك في هذا الباب مجرى الاستثناء ، كقول البديع الهمذاني :
هو البدر الان انه البحر زاخراً          سوى انه الضرغام لكنه الوبل
فان قوله : الا وسوى استثناء مثل بيد اني من قريش، وقوله لكنه استدراك يفيد فائدة الاستثناء المنقطع بمعنى لكن .
تأكيد الذم بما يشبه المدح
وهو ضربان :
1. ان يستثني من صفة مدح منفية عن الشئ صفة ذم بتقدير دخولها فيها كما تقول : فلان لا خير فيه الا انه يتصدق بما يسرقه.
2. ان يثبت للشئ صفة ذم و تعقب باداة استثناء تليها صفة ذم اخرى له كما تقول : فلان حسود الا انه نمام ، وبيان افادة الضربين للتوكيد على تفاوت فيهما تفهم قياساً على ما عرفت في النوع السالف ، كما ان الاستدراك كالاستثناء .







المشاكلة
هي ذكر الشئ بلفظ غيره لوقوعه في صحبته ، تحقيقاً أو تقديراً أما الأول ، فكقوله :
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه * قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
كانه قال خيطوا لي ، وعليه قوله تعالى ( تعلم ما في نفسي ولا اعلم مافى نفسك) سورة المائدة الآية 116.
وقوله تعالى ( وجزاء سيئة مثلها ) سورة الشورى الاية 4
ومنه قول ابي تمام:
من بلغ افناء يعرب كلها ** اني بنيت الجار قبل المنزل
وشهد رجل عند شريح فقال : انك لسبط الشهادة ، فقال الرجل أنها لم تجعد عني .فالذي سوغ بناء الجار وتجهيز الشهادة هو مراعاة المشاكله ولو بناء الدار لم يصح بناء الجار، ولولا سبوطة الشهادة لامتنع تجعيدها .ومنه قول العراقيين في قاضي شهد عنده برؤية هلال الفطر فلم يقبل شهادته .
أترى القاضي أعمى    **   أم تراه يتعامى
سرق العيد كأن الـ      **  عيد أموال اليتامى
وأما الثاني فكقوله تعالى :( صبغة الله) وهو مصدر  موكد منتصب عن قوله تعالى ( أمنا بالله ) والمعني تطهير الله لان الايمان يطهر النفوس والأصل فيه ان النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماءٍ أصغر يسمونه المعمودية ويقولون هو تطهير لهم ، فأمر المسلون بأن يقولوا لهم : (قولوا أمنا بالله).
وصبغنا الله بالإيمان صبغة لأمثل صبغتنا وطهرنا لا مثل تطهيرنا ، أو يقول المسلون : صبغنا الله بالإيمان ولم يصبغ صبغتكم وجي بلفظ الصبغة للمشاكلة وان لم يكن قد تقدم لفظ الصيغ لان قرينة المال أتى هي سبب النزول من غمس النصارى أولادهم في الماء دلت على ذلك ، كما تقول :لمن يغرس الأشجار : اغرس كما يغرس فلان تريد رجلاً يصطنع الكرام.










السجــــع
التعريف :
السجع كلام من النثر له فواصل كفواصل الشعر، مقفي غير موزون والسجع في الأصل صوت الحمامة أو الناقة لدى ترداده على طريقة واحدة.
والنثر المسجع: ما كانت فقراته ذات روى واحد متشابه كقول الثعالبي:
من أطاع غضبه أضاع أدبه ، ومن أصلح فاسدة ، أرغم حاسده.
ومثل: من صدق في مقاله زاد في جماله ، من لزم الرقاد عدم المراد ومن دام كسله خاب أمله، ومن أسرع في الجواب اخطأ الصواب ومن كثر عوارفه كثرت معارفه .
تاريخ السجع:
السجع قديم في تاريخ العرب فالجاهليون كانوا يسجعون كلامهم قد روى أن امرئ القيس قال بعد مقتل أبيه: اليوم خمر وغدا أمر ويوجد السجع فى القرآن الكريم مثل قوله تعالى : ( العاديات ضبحا فالمغيرات صبحا فأثرنا به نقعا فوسطنا به جمعا).
كما يوجد في الحديث النبوي الشريف كقوله (ص) : (أيها الناس افشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام).
وقد عرف الجاهليون نوعاً من السجع هو سجع الكهان وهو السجع المذموم المنهى عنه كقول احد الكهان في الجاهلين: (السماء والأرض والقرض والفرض والقمر والبرد).
ويلحق بهذا السجع سجع الكذابين الذين يدعون النبوة مثل مسيلمة الكذاب والأسود الأسى وطليحة ومن أمثلة سجع مسيلمة الكذاب التي يحاكي بها القرآن الكريم ( سبح اسم ربك الأعلى الذي يسر لحبله فاخرج منها نسمة تسعى ما بين أحشاء وأمعاء فمنهم من يموت ويدس في الثرى ومنهم من يعيش إلى اجل والمنتهى والله يعلم السر وأخفى ولا تخفى عليه الآخرة والأولى).
هذا هو السجع الذي نهى عنه النبي (ص) عنه مع سجع الكهان لان أصحابه يريدون بها بطال حق فقد ورد أن النبي (ص) حكم على امرأة بالدية عندما ضربت امرأة فسقط جنينها ميتاً فاحتج واحداً من أهلها فقال: كيف ندي من لا شرب ولا أكل ولا صاح فاستهل ومثل دمه يطل ، فقال النبي (ص) إياكم وسجع الكهان.
أقسام السجع :
قسم السجع إلى ثلاثة أقسام:
1/ أن يكون الفصلان متساويين ، لا يزيد احدهما على الأخر، وأمثلة كثيرة في القرآن الكريم ، وهو اشرف السجع .ومن ذلك قول الشهاب محمود في رسالة البندق : فبرزنا وشمس الأصيل تجود بنفسها ، وتشير من الأفق الغربي إلى جانب رمسها..إلى حدائق ملتفة ، وجداول محتفة، إذا خمش النسيم غصونها واعتنقت كالأحباب ، وإذا ركب من المياه متونها انسابت فى الجداول انسياب الحباب ، ورقصت فى المناهل رقص الاحباب، وبان لثم ثغورها نورها حية بأنفاس المعشوق وبات أيقظ، نواعس ورقها بالحان المشوق، فنسيمها دان ، وشميمها لعرف الجنان عنوان، ووجدها من نرجسها غيران، وطلعها في خدود منبث وفى طرر الريحان حيران، وطائرها غرد ، وماؤها مطرد ، غصنها تارة يعطف النسيم اليه فينعطف،وتارة يعتدل تحت ورقائه فتحسب انها همزة على الف، مع ما فى تلك الرياض من توافق المحاسن،وتباين الترتيب ، اذ كلما اعتل النسيم، مع نشر الروض ، وكلما خر الماء شمخ القضيب.
2/ ان يكون الفصل الثاني اطول من الاول قليلاً،والا استكره وعد عيباً ، فلذلك قول بن الاثير فى وصف صديق:
الصديق من لم يعتض عنك بخالف ، ولم يعاملك معاملة حالف،اذا بلغت اذنه وشاية اقام عليها حد سارق او قاذف.
3/ ان يكون الفصل الثاني اقصر من الاول، وعده البلاغيون عيباً .
أنواع السجع:
السجع على ثلاثة أنواع:
1/ السجع المطرف : هو الذي اتفق فيه حرف الروي فى فواصله واختلف الوزن كقوله تعالى : ( ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم اطوارا) فكلمة وقارا تتفق مع كلمة أطوارا فى حرف الروي وتختلف فى الوزن ومثاله فى مقامات بديع الزمان:
فلما انقضى الصباح وبرز جيش المصباح
وقوله ايضاً في المقامة القريضية يلوني اجيبكم واسمعوا عجبكم .وقوله فى المقامة الكوفيه وجاراً يستعد على الجوع والجيب المرقوع ، وقوله في المقامة ...من الراكب الجدير الكلام محي بتحية الإسلام.، وقوله في المقامة الازربجانية وباري النسم أزواجاً وجعل الشمس سراجاً.
نلاحظ ان بديع الزمان يأتي هنا بفاصلتين والذي يتتبع السجع في مقامات البديع يجد فواصل بعضها يتكون من ثلاثة كقوله على لسان عيسي بن هشام راوي المقامات واخترله من تلك الاطباق وانفض عليها اوراق الرقاق ورش عليها شئ من السماق ، واستخدم بديع الزمان السجع المطرف خاصة فى المقامة الدينارية كما فى هذه المساجله بين بطل المقامات ابي الفتح الاسكندري واحد الأدباء الساسانين، فقال أبي الفتح يصف الأديب الساساني:
يا برد العجوز ويا قربة الدموز يا وز الكوز يا درهماً لا يجوز يا سنة البؤس يا كوكب النحوس يا وطى الكابوس يا طقمت الرؤوس يا ام حبين يا رمد العين يا غادة البين يا فراق المحبين يا ساعة الحين يا مقتل الحسين يا ثقيل الدين يا سريد الثوم ويا بادية الذقوم.
السجع
السجع المتوازي : هو الذي تتفق فيه الألفاظ الأخيرة فى الوزن وحرف الروي ومثاله من القران الكريم قوله تعالى : ( وفيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعه) ومن الحديث الشريف : ( اللهم أعطي منفقاً خلفاً واعطي ممسكاً تلفاً) فكلمة خلفاً تساوى تلفاً فى الوزن وحرف الروي.
ويكثر السجع المتوازي فى مقامات بديع الزمان ويتراوح مدى ذلك ما بين فاصلتين إلى ثمانية فواصل كقوله فى المقامة البغدادية على لسان الراوي ولم رأى سواقي قال يسوق بالجهد حماره ويطرف بالعقد ازاره.
فكلمة حماره وازاره متساوي فى حرف الروي والوزن.
مثال ثلاثة فواصل قول بديع الزمان فى المقامة البخارية على لسان بطل المقامة الذي يدل حاله من الغنى الى الفقر والنعيم، الى البؤس لقد طعمنا الكباج وركبنا الهتلاج ولبسنا الديباج.
السجع المرصع:
وهو ان تكون الألفاظ مستوية الأوزان متسقة الإعجاز او متقاربة واشتق اسمه من ترصيع العقد،وهو ان يكون فى احد جانبي العقد من اللالي مثل الجانب الاخر، ومن ذلك قول بن الأثير فى جواب كتاب إلى بعض اخوانه : ( قد أعدت الجواب ولم استعر لفظاً ملفقاً ولا جلبت اليه حسناً منمقاً، بل اخرجته على رسله،وعنيت بصقال حسنه عن صقله ، فجاء كما تراه غير ممشوط ولا مخطوط، فهو يرفل فى اثواب بذلته ، وقد حوى الجمال بجملته، والحسن ماوشته فطرة التصوير، لا ماشته فكرة التزوير ).
ومنه قوله فى تثقيف الأولاد : ( من قوم أود أولاده، ضرم كمد حساده) ومثل : ( وهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماء بزواجر وعظه).
ومثاله ايضاً: قوله تعالى ( ان الابرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم) فكلمة الأبرار تقابل الفجار في الوزن وكلمة النعيم تقابل كلمة الجحيم مع إعادة تكرار كلمة لفي، وقد ياتي فى الشعر كقول ابن النبيه:
فحريق جمرة سيفه لمعتدي   ورحيق حمرة سيبه لمعتفي
ومن أمثلته فى المقامات قوله : وخالق المصباح ومديره وفارع الاصباح ومنيره.
وتحدث قدامه عن الترصيع وجعله من نعوت الوزن قال قدامة بن جعفر فى كتاب نقد الشعر عن الترصيع وقد جعله من نعت الوزن : ( ومن نعوت الترصيع هو ان يتوخى فيه تصير مقاطع البيت على سجع او شبيه بهاو من جنس واحد فى التصريف كما يوجد ذلك فى اشعار كثير من الشعراء المجيدين من الفحول وغيرهم وفى اشعار المدثين المحسن منهم ثم ذكر بعد ذلك امثلة كثيرة وشعراء قدتمى ومدثين ومن ذلك قول امرئ القيس ( رواية قدامى).
مخشٍ مجشٍ مقبلاً مدبراً معاً   كتيس ظباء الحلب العدواني
الترصيع فى مجش ، مخشٍ.
وذكر قدامه مثال اخر من امرئ القيس:
الص الدروس حتى الضلوع  *  تبوع وطروب نشيط اشر
وقال بعدها فأكثر الشعراء المصيبين من القدامى والمحدثين قد غزو هذا المغزى ورموا هذا المرمى وإنما يحصل إذا اتفق في البيت موضع يليق وانه ليس في كل موضع يحصل ولا على كل حال يصلح وهو ايضاً اذا تواتر واتصل في الأبيات كلها لمحمود فان ذلك اذا كان ذل على تعمل وأبان على تكلف على ان الشعراء القدامى والمدثين من قد نظم شعره او الا بين أبيات كثيرة منهم أبو صخر الهزلي فانه أتى من ذلك ما يكاد لجودته ان يقال فيه انه غير متكلف وهو قوله:
وتلك هيكلة خود متبتله صفراء دعبلة فى منصب سنم
عذب مقبلها جدل مخلخلها  كالدعص اسفلها مخصرة القدم
سود ذوائبها بيض ترابيها    مخص ضرائبها صيغة على الكرم
عبل مقيدها حال مقلدها   بضاً مجردها لفاً فى عمم
خود: الشابة الحسن الخلق / متبتله: كاملة الهيئة / دعبلة: ذات لباس جديد/ سنمي : ماخوذة من السنام اي مكانتها عالية / مخلخلها: الساق الذي يلبس فيه الخلخال/ الجدل: المستوي / كالدعص: كثيب الرمل / مخصرة القدم: اي يوجد فى قدمها فراغ/ ذوائب : الشعر / الترايب : عظام الصدر وهى تحت النحر / محض : خالص/ الضرائب : الضريبة اي انها خالصة الأخلاق / عبل: الممتلي/ المقيد: اي ان ذراعها مقيدها ممتلئة / مقلدها: يقصد به العنق / بض: الرقيق / لفاً: جسم ملفوف.
سمح خلائقها درم مرفقها  ** يروي معانقها من بارداً شبم
كانت معتقة في الدن مغلقة  **  صهباء مصفقة من الرابي رزم
شيبة بموهبة من راس مرغبة  ** جرداء مهيبة في حالق شمم
خالط طعم ثناياها ورقتها * اذ يقول توال النجم كالنجم
مرافقها : جمع مرفق بمعني المس/ المصفق:المصفاء/ المعتقة:الجيدة / للرابي وزم : الإناء امتلئ حتى سال منها الخمر/ الموهبة : غدير الماء/ الشيب: الخلط أي المزج بماء الغدير/ المرغبة : المكان الذي يكون فيه الرقيب/جرداء: من التجريد ليس يصيبها شئ / مهيبة: مكان يهابه الناس لا يصل اليه/حالق:العالق اى العالي.
أتى قدامة بأمثلة أخرى لشعراء آخرين وعلل بقوله : ( إنما يذهبون في هذا الباب الى المقاربة بين الكلام بما يشيه بعضه بعضاً فانه لا كلام أحسن من كلام رسول الله (ص) فقد كان يتوخى فيه مثل ذلك ومنه ما روى عنه عليه السلام فى انه عوذ الحسن والحسين عليهما السلام فقال:(اعيذهما من السامة والهامة وكل عين لامة).
قال قدامة ( ما بورة من اجل ما بورة والقياس مامرة وجاء فى الحديث مازورات غير ماجورات فما زورات من الوزر والقياس مازورات الا انه عدل عن ذلك لتناسب ماجورات وهو من الأجر فاذا كان هذا مقصوداً فى الكلام المأثور فاستعماله فى الشعر اضمن وأحسن.
ومن السجع فى الشعر ما يسمى المشطور وهو ان يكون لكل نص بيت من الشعر قافيتان مغايرتان لمقفية من النصف الأخر كقول ابي تمام :
تدبير معتصم بالله منتقمي ** فى الله مرتغب فى الله مرتقب
شرط السجع:
قال بن الاثير : ( لا اعلم ان الأصل في السجع الاعتدال في مقاطع الكلام والاعتدال فى جميع الأشياء والنفس تميل إليه بالطبع ويتبقى ان تكون الألفاظ المسجوعة حلوة حارة وطنانة رنانة لا باردة وهو أن يكون اللفظ فيه تابع لمعنى لا أن يكون المعنى فيه تابع لفظ فانه يجئ عند ذلك ظاهرة مموه على باطل مشوه ويكون مثله كغمد من ذهب على نصل من خشب).
ويقول عبدالقاهر الجرجاني: ( في وجوب ان تكون الألفاظ تابع للمعاني انه لو عهد عامد الي الألفاظ فجمعها من غير أن يراعي فيها معناً ويألف منها كلاماً فانه يخرج تأليف فيه من إشاعات الشئ الكثير بل أن الألفاظ لا تراد لنفسها إنما تراد لتجعل أدلة للمعاني).
وأحسن السجع ما قصرة فواصله نحو قوله تعالى : ( يا أيها المدثر قم فانذر ، وربك فكبر وثيابك فطهر).
وقد تكون فقرات السجع متوسط الطول كقوله تعالى : (اقتربت الساعة وانشق القمر وان يروا آيات يعرضون ويقولوا سحر مستمر) وقد تاتى الفقرات طويلة مثل قوله تعالى : ( إذ يريكم الله فى ملا قليل ولو أرادكم كثيراً لفشلتم ولا تنازعتم في الأمر ولكن الله سلم عليم  بذات الصدور).
الجناس
التعريف:
الجناس هو استعمال لفظتين تتشابهان فى النطق تختلفان فى المعني ويقال له : التجنيس ايضاً مصدر جانس الشئ اي شاكله واتحد معه فى الجنس كقوله تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) الروم الآية (55) فالساعة الأولى:القيامة والساعة الثانية : الزمن اي ستون دقيقة .
ومثل قول الشاعر:
لمياء هذا اجبني الفجر قد سفرا    وموسم الحب عنا مزمع سفرا
سفر الاولى : بمعنى ظهر ، وسفر الثانية : بمعنى رحيل
وينقسم الجناس الى قسمين  تام وغير تام
الجناس التام:
هو ما اتفق فيه اللفظان في أربعة أمور:
1)   هيئة الحروف (شكلها).
2)   عددها.
3)   نوعها
4)   ترتيبها.
ويضم الجناس التام خمسة أنواع هي :
الجناس المماثل: ويكون في اللفظين المتفقين في النوع وعدد الحروف وهيئتها وترتيبها مثال قوله تعالى : ( يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة) فكلمة ساعة وساعة اسمان متفقان في اللفظ وعدد الحروف وترتيبها وهيئتها ولكنهما مختلفان في المعنى الساعة الأولى يقصد بها يوم القيامة والساعة الثانية يقصد بها الساعة الزمنية.
ومنه ايضاً قوله تعالى : (يكاد سناء برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار ا ن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار).
فكلمة أبصار وأبصار متجانستان وهما اسمان الأول يدل على الانظار والثاني يدل على العقول.
الجناس المستوفي:
هو أن تكون الكلمتان مختلفتان في النوع مثاله قول الشاعر :
مضى عصر الشباب كلمع برق ** وعصر الشيب بالاكدار شيبا
وما أعددت قبــــل الموت زاداً ** ليوم يجعل الولدان شيبا
فكلمة شيباً فى البيت الأول فعل ماضي مبني للمجهول بمعنى خلط وكلمة شيبا فى البيت الثاني اسم وقع صفة لاسم الولدان .
قال الشاعر:
عباس عباس اذا احتدم الوغى ** والفضل فضل والربيع ربيع
الجناس المركب:
لاحظنا ان الجناس المماثل والجناس المستوفى من كلمتان مفردة بسيطة اما الجناس المركب فيتكون من كلمات مركبه من جزئيين وهو ثلاثة أنواع المركب المشابه ، المركب المرفوا، المركب المفروق .
أ/المركب المشابه:
هو الذي تركبت فيه كلمات من أكثر من كلمة.
قف طالباً فضل الإله وسائلا ** واجعل فضائله وسائلا
فالجناس فى وسائل وسائلا فالثانية فى نهاية الشطر الثاني تجمع على وسائل والاولى مكونه من الواو زائدة على سائلا وهذا معنى التركيب ان الكلمة الأولى مكونه من كلمتين.
قال الشاعر:
ناظره فيما جنى ناظره ** اودعاني امت بما اودعاني
ففي البيت جناسان الاولى مستوفى بين ناظره وناظره الاول فعل والثاني اسم في الشطر الثاني جناس مركب بين اودعاني واودعاني الاولى مكونه من أو زائدة دعاني والثانية أودعاني كلمة واحدة.
قال الشاعر:
طار قلبي يوم ساروا فرقاً ** وسواءً فاض دمعي اورقا
حار فى سقم من بعدهم ** كل من فى الحي داوا اورقا
بعدهم لا ظل وادي المنحنى** وكذا بان الحمى لا اورقا
ب/المركب المرفو:
وهو ان يكون احد طرفي الجناس مرفوا اي مركباً من كلمتين او كلمة وحرف بحيث يتكامل الجزءان فى كلمة واحدة مثال قول احدهم فى الوعظ: يا مغرور أمسك وقس يومك بامسك فالجناس فى قوله امسك فعل امر وبامسك المكونه من الباء زائدة الأمس.
قال الشاعر:
تفرق قلبى فى هواءه عنده ** فريق وعند شيعة وفريــق
وإذا ظماة نفسي أقول له أسقنى ** واذ لم يكن ماء لديك فريق
جناس في كلمة فريق وفريق الأولى كلمة واحدة والثانية مكونه من الفاء زائداً ريق.
ج/ المركب المفروق:
وهو الذي تتشابه فيه الكلمات في اللفظ وتختلف في الخط لذلك يسمى جناس الخط.
مثال:
كنت اطمع في تجريبك ومطايا الجهل تجريبك
كلمة تجريبك الاولى كلمة واحدة من التجربة والثانية مكونه من الفعل تجرى زائداً بك الكلمتان مكونتان فى لفظ واحداً ومختلفان.
قال الشاعر:
لا خير فى العلم إذا لم يكن * حظ من المال او الجاهلي
والعلم ان لم اك ذا ثروة * أنزلني منزلة الجاهلي
الجناس المحرف:
الذي تتفق فيه الحروف وتختلف الهيئة اى الحركات.
مثاله:
قوله تعالى : ( لقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين).
منذرين الأولى اسم فاعل مكسورة الذال والثانية اسم مفعول مفتوحة الذال واختلفت الحركتان في الكلمتين الكسر والفتح وهو اختلاف يؤدي الى اختلاف المعنى وقد يكون اختلاف بين الحركة والسكون كقوله (ص) (اللهم كما حسنت خلقى فحسن خلقى).
قال المعرى:
لغيري ذكاة من جمال فان تكن ** ذكاة جمال فاذكر ابن السبيل

الجناس المصحف :
وهو الذي اختلف فيه الفظان في النقط كقوله تعالى : ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) الكهف الآية 104.
وكقول الشاعر:
من بحر شعرك اعترف * وبفضل علمك اعترف
ومثال أخر قوله (ص) (عليك بالابكار فانهض اشد حباً واقل خباً).
الجناس غير التام:
وهو ما اختلف فيه اللفظان فى واحد من الشروط الاربعة التى ذكرت فى الجناس التام مثل :  هلا نهاك عن الشر نهاك ، نهاك : منعك ، ونهاك : عقلك.
ومثل قوله رسول الله(ص) ( عليكم بالابكار اشد حباً واقل خباً) حباً: اي المحبة ، وخبا:الخداع والغش.
ومثل : لا تنال الغرر الا بركوب الغرر كقول الشاعر:
لعيني كل يوم الف عبره * تصيرني لأهل العشق عبره
الجناس الناقص :
هو الذي تختلف فيه اللفظتان المتجانستان في عدد الحروف فتزيد لفظة عن أخرى والزيادة قد تكون في أول الكلمة ا وفى وسط الكلمة ا وفى أخر الكلمة.
الزيادة فى اول الكلمة: (يسمى المردوف).
مثال : قوله تعالى ( التفت الساق بالساق الى ربك يومئذ المساق) فكلمة مساق مجانس لكلمة ساق بزيادة الميم في اول الكلمة الثانية.

قال الشاعر :
لم يبقى صافي ولا مصاف * ولا معين الا معين
الزيادة فى وسط الكلمة : يسمى المكتنف
مثاله جدي جهدي .
الزيادة فى أخر الكلمة : (يسمى المطرف)
مثاله : قوله تعالى : ( وكلي من كل الثمرات).
الجناس بين كلي وكل.
قال الشاعر:
اراني اليوم لأحبابي شاك * وقدما كنت لأحبابي شاكر
ومالي منهم أصبحت باك* واباكر بالمدامع كل باكر
اذا وقوت عناد طعم صاب* وقالوا كن على الهجراني صابر
وها قلبي الى الأحباب صاغ * يميل الى رضاهم وهو صاغر
احن الى لقاءهم كل عام * وأرجو وصلهم في شعب عامر
وكقول ابوتمام:
يمدحون منه ايد عواص عواصم * تهول بأسياف قواض قواضب
الجناس المضارع واللاحق :
وهو ما اختلف فيه اللفظتان فى نوع الحروف ويشترط الا يكون باكثر من حرف واحد، مثل : بيني وبينكم ليل دامس وطريق طامس، مثل:ذئاب طلس فى ثياب ملس فان كان الحرفان المختلفان متقاربي المخرج فهو الجناس المضارع كما فى (دامس وطامس) و(طلس  وملس) لان الدال والطاء مخرجهما واحد.
ان كان الحرفان غير متقاربي المخرج سمى الجناس لاحقاً كقوله تعالى : (ويل لكل همزة لمزة ) الهمزه الاية.
وكقوله تعالى : ( ذالكم بما كنتم تفرحون فى الارض بغير الحق وبما كنتم تمرحون) غافر(75)
جناس القلب والعكس:
وهو أن يكون الاختلاف في ترتيب الحروف كقوله رسول الله (ص) : (اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا).
وكقول الأخر : رحم الله امرءاً أمسك ما بين فكيه وأطلق ما بين كفيه.
ومثل قول الشاعر:
بيض الصفائح لاسود الصحائف في * متونهن جلاء الشك والريب
ومثل قولك حصل الانفراج النسبي بعد الانفجار الشديد.
ومثل : سرت فى دربه وسار فى درب.
جناس الاشقاق:
ينظر إلى هذا الجناس من اجل اشتقاق الكلمات ويسمى الجناس اللاحق.
مثل قوله تعالى : ( وأقم وجهك لدين القيم).
أقم والقيم من أصل لغوي واحد وهو الإقامة ومثله قوله تعالى:(يمحق الله الربا ويربى الصدقات)  الربا ويربى متجانسان واصلها اللغوي واحد.
وايضاً : ( وذو الوجهين لا يكون عند الله وجيهاً) .
أما إذا كانت الكلمات المتجانسة ليست من أصل لغوي واحد يسمى الجناس جناس مشابه.
مثال :قوله تعالى ليريه كيف يواري سواة أخيه) جناس مشابه لأنها ليست من أصل لغوي واحد.  
  رد العجز على الصدر :
رد العجز على الصدر هو أن يجعل احد اللفظين المكررين أو المتجانسين أو الملحقين بهما فى اول الفقرة والأخر فى اخرها كقوله تعالى : ( وتخشى الناس والله احق ان تخشاه ) سورة الاحزاب وقولهم : ( الحيلة ترك الحيلة) وكقولهم ( رسائل اللئيم يرجع ودمعه سائل) وكقوله تعالى : ( استغفروا ربكم انه كان غفارا) سورة نوح الاية 10 وكقوله تعالى : ( قال اني لعملكم من القالين) سورة الشعراء الاية 168.
وفى الشعر أن يكون احدهما فى اخر البيت والأخر في صدر المصراع الأول او حشوه او أخره او صدر الثاني فالأول كقوله )
سريع الى ابن العم يلطم وجهه * * وليس الى داعي الندى بسريع
ونحوه قول الأخر(2):
سكران سكر هوى سكر مدامة * اني يفيق فتى به سكران
والثاني كقول الحماسي :
تمتع من شميم عرار نجد * فما بعد العشية من عرار
ونحوه قول أبي تمام
ولم يحفظ  ما ضاع المجد شئ   *  من الاشياء كالمال المضاع
البيت للصمه بن عبدالله بن طفيل القشيري ، الشاعر الغزلي توفى95 هـ وصاحب الأبيات التى منها :
قفا ودعا نجداً  ومن حمل بالحمى   **    وقل لنجد عندنا ان يودعا
من قصيدة له فى مدح مهدي بن اصرم (ديوانه 81) مطلعها:
حذى عبرات عينك من زماعي  وصوني ما اذلت من القناع
والرابع كقول الحماسي :
وان لم يكن الا معرج ساعة  *   قليلاً فاني نافع لى قليلها
والخام كقول القاضي الارجاني:
دعاني من ملامكها سفاهاً *  فداعي الشوق قبلكما دعاني
وقول الأخر :
سل سبيلا فيها الى راحة النف   س براح كانها سلسبيل
وقول الاخر :
ذوائب سود كالعناقيد أرسلت    فمن اجلها منها النفوس ذؤائب
والسادس قول الأخر:
وإذا البلابل أفصحت بلغاتها   فاتق البلابل باحتساء بلابل
والسابع قول الحريري :
فمشغوف بايات المثاني ومفتون برنات المثاني
الثامن كقول القاضى الارجاني:
املتهم قم تاملتهم    فلاح لي ان ليس فيهم فلاح
والتاسع كقول البحترى:
ضرائب ابدعتها فى السماح      فلسنا نرى لك فيها ضريبا
العاشر كقول امرئ القيس:
اذا المرء لم يخزن عليه لسانه    فليس على شئ سواه بخزان
وقول ابي العلا المعري:
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم        والعذب يهجر للافراط فى الخصر
والحادي عشر كقول الاخر:
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري     اطنين أجنحة الذباب يضير
والثاني عشر كقول كقول ابي تمام :
وقد كانت البيض القواضب فى الوغى     بواتر فهى الان من بعده بئر
كذا فليجل الخطب وليقدح الأمر      فليس لعين لم يفض ماؤها عذر