الخميس، 8 نوفمبر 2012

اللغة العربية (عرج 3012) الفصل الخامس



بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب البيــان والتبيـــن للجـــاحظ

الجاحظ حيــاته :-
هو إمالم الادب ابوعثمان عمرو الجاحظ بن بحر بن محبوب الكنانى البصرى ولدة حوالى سنة 160 بمدينة البصرة ونشأ بها فتناول كل فن ومارس كل علم عرف فى زمانه , مما وضع فى الاسلام أونقل عن الامم الاوائل فاصبح له مشاركة فى علم كل مايقع عليه الحس او يخطر بالبال فهو راويه متكلم فيلسوف كاتب مصنف مترسل شاعر مؤرخ عالم بالحيوان و النبات والموات وصاف لاحوال الناس ووجوه معايشهم واضطرابهم واخلاقهم وحيلهم الا انه غلب عليه امران : الكلام على طريقة المعتزلة والادب الممزوج بالفلسفة والفكاهة . وكان غاية فى الذكاه ودقة الحس وحسن الفراسة وكان سمحاً جواداً كثير المواساة لإخوانه ، وكان على دمامة خلقه وتناقص خلقه , خفيف الروح فكه المجلس غاية فى الظرف وطيب الفكاهه وحلاوة الكلام ، وهو من احد افذاذ العالم وإحدى حجج اللسان العربى ، واقام الجاحظ اكثر عمره بالبصرة يعيش معيشة الادباء والعلماء محسوباً لوائها واعيانها محبواً منهم بالعطاء والمنح بما يصنفه لهم من الكتب المتفقة مع اهوائهم المختلفة ، وكان كثير الانتجاع للخلفاء ببغداد وسُرَّ من رأى حتى فلج بالبصرة وبقى مفلوجاً بها مدة الى ان انتقل بغداد فمات بها ودفن بمقبرة الخيزران  ( ام الرشيد ) سنة 255 هـ ، وله اكثر من مائتى كتاب .
اثــــاره :-
عنى الجاحظ بتاليف الكتب والرسائل واكثر من ذلك حتى قالوا انه ترك ماينيف على مئة وسبعين كتاباً , وقد ساعد على كثرة التأليف امتداد عمره وانصراف العظماء عن استخدامه فى قصورهم ودواوينهم لدمامة خلقه ، ومرضه الطويل الذى اضطره إلى ملائمة بيته وقطع فراغه بالكتابة والتأليف ، ثم ميل علماء عصره ولاسيما اساتذته ألى التأليف .

(1 )

واثار الجاحظ تولف موسوعة علمية وادبية كاملة وهى خير مثال للثقافة العربية والنضج الفكرى والعلمى ، وللادب البليغ والاسلوب الانشائى   الرفيع  . ومن ثم كان تقسيمنا لاثار الجاحظ على وجه التغليب .
1-فى الفلسفة والاعتزال والدين :-
-      ( كتاب الاستطاعة وخلق الافعال ) (وضعه الجاحظ لتقرير مذهب الاعتزال ) ، ( كتاب الاعتزال وفضله )  لعل هذا الكتاب هو المسمى ايضاً ( فضيلة ) المعتزلة والذى رد عليه ابن الراوندى بكتابه الذى سماه (فضيحة المعتزلة ) ، ( كتاب خلق القرآن ) ، (و كتاب وجوب الامامة ) ، (كتاب الرد على اليهود ) ،(  كتاب الرد على المشبهة ) ، ( كتاب الدلائل والاعتبار على الخلق والتدبير )  (يبحث فى تعليل الاشاء الطبيعية ومافى الكائنات من الدلائل على وجود  الصانع ) .
2-فى السياسة والاقتصاد :-
   - ( كتاب الاستبداد والمشاورة فى الحرب ) ، ( رسالة فى مناقب الترك وعامة       جند الخلافة ) .
-      ( رسالة فى الخراج ) ، ( كتاب اقسام فضول الصناعات ومراتب التجارات ) ، ( كتاب الزرع والنخل والزيتون والاعناب ) .
  3-  فى الاجتماع والاخلاق : -    من اثار الجاحظ فى ذلك .
   -  ( رسالة  فى إثم السكر ) ،( كتاب اخلاق الشطار) ، ( كتاب اخلاق الفتيآن )                                                                                         وفضائل  اهل البطالة ) ، ( كتاب خصومة الحُول والعور )
  - (كتاب البخلاء ... ) .
4-  فى التاريخ والجغرافيا والطتبيقات والرياضيات :-
- ( كتاب الاخبار و كيف تصح ) ،(كتاب الملوك والامم السالفة والباقية )، (كتاب الامصار ) ( رساله فى الكيمياء ) ، ( كتاب المعادن ) ، ( كتاب نقض الطب ) ، ( رسالة فى القيان ) ، ( كتاب فى تطبيقات المغنين ) .
- (كتاب الحيوان )، ( كتاب الكلاب ) ، ( كتاب الاسد والذئب ) ...
5- فى العصيبة والبيئة :-
- (كتاب القحطانية والعدنانية )،( كتاب العرب والعجم )،( كتاب العرب والموالى )
(2 )

- ( رساله فى فخر السودان على البيضان ) ، ( كتاب مفاخرة السودان على الحمران)
6 – فى الادب والشعر والعلوم اللسانية والادبية :- 
- (كتاب البيان والتبين ) ، ( كتاب المحاسن والاضداد والعجائب ) ، ( كتاب عناصر الادب )...
7- فى موضوعات شتى من صداقة وعداو وتهم   :-
- ( رساله التربيع والتدوير ) ، ( رسالة فى العشق والنساء ) ،( كتاب الاخوان ) .
واننا سنجتزى بدراسة ثلاثة من اثار الجاحظ وهى (كتاب البيان والتبين) ،(كتاب البخلاء)
و(كتاب الحيوان ) وفيها الدليل الكافى على مالغيرها من قيمة .  


1/ كتــاب البيــان والتبيــن :-
- مــاهــو ؟
هو كتاب فى الادب من آخر ما أَلف الجاحظ ،يتضمن مختارات من الادب من آية قرآنية أو شعر او حكمة أو خطبة ، ممزوجة بماله من اراء فى مسائل مختلفة . قدمه الجاحظ الى القاضى احمد بن أبى داؤد . وزعم ياقوت ان المؤلف وضع من هذا الكتاب نسختين كانت الثانية منها اصح واجود . وقد طبع الكتاب فى سنة 1926 م فى ثلاثة اجزاء .
أقســــــامه :-
   تشيع فى هذا الكتاب ، كما فى سائر كتب الجاحظ ، فوضى فى التأليف ، لانستطيع معها حصر موضوعاته فى اقسام متسلسلة ؛ فسنكتفى بايراد خلاصة ما فى ابواب الكتاب من موضوعات فالجاحظ يمزج فى كتابة علوم البلاغة بالادب والتاريخ .
اما ما يرجع الى البلاغة فكلام على ماهية البلاغة ، وعلى نعمة الفصاحة ، ثم على عيوب اللسان و 1/ العي ،2/ كاللحن، و3/ اللكنة ، 4/والفأفأة ، 5/والتمتمة ،6/والتشديق
(3 )


 ، 7/والتقعير ، 8/والتقعيب ، ويلحق بلاغة الكلام على الخطابة وعيوب الخطيب من
نخنخة وسعلة والاسنان وعلاقتها بالخطابة . ويلحق كذلك البلاغة مايرجع الى
موسيقى الكلام من حروف والفاظ متنافرة ، ومن سجع وماإلى ذلك .
-  أما مايرجع إلى الادب فإيراد الكثير من كلام العرب فى العهد الراشدى والاموى والعهد العباسى : من شذرات مأثورة منتقاه ومن خطب بليغة .
- اما مايرجع الى التاريخ فكثير من اخبار الخطباء والعلماء والامراء والكهان والنساك وغيرهم .
 

1/ العى : الحصر فى النطق اى عدم الافصاح ومخالفة وجه الصواب     2/ اللحن : الخطأ فى الاعراب     3/ اللكنة :الثقل فى اللسان     4/ الفأفأة : الاكثار من الفاء فى اللكلام والتردد فيها      5/ التمتمة : التعجيل فى الكلام من غير افهام     6/ التشديق : هو ان يلوى المتكلم شدقه للتفصح     7/ التقعير : إخراج الكلام من الحلق      8/ التقعيب : إخراج الكلام من قمر الحلق















(4 )


قيمة الكتاب :-  للكتاب قيمة تاريخية وقيمة ادبية :-
أ- قيمته التاريخية :-
فى هذا الكتاب تظهر نزعة الجاحظ العربية ، فهو يرد على الشعوبية ، ويكثر من إيراد ماللعرب من ظاهر البلاغة . فهو فى موقف معاكس لزعماء الثورة التجديدية ؛ وهو مع ذلك يضيف فى كتابه إلى الثقافة العربية الواسعة عناصر مختلفة مما تقدمه الثقافات الاخرى اليونانية والفارسية والهندية وغيرها ، حتى ليمكننا القول ان كتابه مزيج من ثقافات مختلفة تغلب عليه الثقافات العربية ؛ فهو يعرض أدب العرب والفرس ، وحكم الهنود ، ونصائح اليهودية والمسيحية ، وهو يتكلم على مذهب التناسخ ، وينقل اقوالاً لداؤد والمسيح ، ويذكر عادة الرهبان فى اتخاذ العصا وعادة الجاتليق فى اتخاذ القناع والمظله والعكازة والعصا ، كما يذكر أن للهنود كتباً فى الحكم والاسرار ، وأن لليونان منطقاً يعرف به الخطأ من الصواب ، وإلى غير ذلك من المعلومات الواسعة .
ب- قيمته الادبية :-
ولاشك أن كل فصل من فصول الكتاب فوضى لاتضبط واستطراد لايحُدّ . فالجاحظ لايراعى للوحدة التأليفية نظماً ولايقيم لها وزناً إلا أن للكتاب قيمة حقيقية جعلت له محلاً خاصاً مابين اصول فن الادب وأركانه حتى قال ابن خلدون : ( سمعنا من شيوخنا فى مجالس التعليم أن اصول فن الادب واركانه اربعة دواوين ، وهى : أدب الكتاب لابن قتيبة ،وكتاب الكامل للمبرد ، وكتاب البيان والتبين للجاحظ ، وكتاب النوادر لابى على القالى . وماسوى هذه الاربعة فتتبع لها وفروع  عنها ) .
2/ كتـــاب البخــــلاء :-
مـــاهـــو ؟
هو كتاب طريف جمع فيه الجاحظ اخبار البخلاء و( المقتصدين ) فصور حالاتهم المختلفة كما شاهدها او بلغة خبرها ، مورداً وطرائف مشاهيرهم ، ومتندراً بملح البخلاء من العلماء والادباء ، مثبتاً مايلحق ذلك من مناظرات بين الكرم والبخل وغير ذلك من الفوائد عن آداب العرب وعاداتهم فى مآدب الضيافة . وقد صدر الكتاب برسالة سهل بن هارون فى البخل .
(5 )


طبع كتاب البخلاء مراراً وكان اول من طبعه المستشرق فان فلوتن  van vloten  فى ليدن سنة 1900 م ، ثم طبع بمصر ثم بدمشق سنة 1938 م . وفى 1947 م توالى محمد طه الحاجري اصدار طبعة علمية جديدة للكتاب .
الباحث الى وضع الكتاب :-
يذكر لنا الجاحظ فى مقدمة كتابه أن ماحمله على وضعه وهو الفائدة التى اداها كتاب اخر له عنوانه ( تصنيف حيل لصوص النهار وتفصيل حيل سراق الليل ) ، فقد سدبه الناس كل خلل وحضوا به كل عورة  ؛ ويذكر ان احد اصدقائه سأله أن يفصل ( نوادر البخلاء واحتجاج الاشحاء ، ومايجوز من ذلك فى باب الهزل ، ومايجوز منه فى باب الجد ) ليجعل الهزل مستراحاً ، والمزاحة جماماً .
ويذكر الجاحظ أن الذى ساعده على توفير مادة الكتاب ( مُلح الحزامي ) واحتجلج الكندى ، ورساله سهل بن هارون ، وكلام ابن غزوان ،وخطبة الحارثى وكل ماحضره من اعجيب وغيرهم )  واحتجاجهم للبخل ، وشذوذ البخلاء فى تفكيرهم ، الى غير ذلك مما لم يكن بدُّ من تقويمه وتوضيحه ، حتى يكون من الكلام فائدة للبصير ودرس للبيب .
مضمون الكتاب :-
اراد الجاحظ ان يفتتح الكتاب بنظرة عامة على نفسية البخلاء جعلها مقدمة بين يدى موضوعه ؛ فهو يعجب شديد العجب ( ممن قد فطن لبخله ، وعرف إفراط شحه ، وهو فى ذلك يجاهد نفسه ويغالبُ طبعه ، ولربما ظن أن قد فطن وعرف ماعنده ، فموه شيئاً ولايقبل التمويه ، ورفع خرقاً لايقبل الرفع . فلو أنه ، كما فطن لعيبه وفطن لمن فطن لعيبه ، فطن لضعفه عن علاج نفسه ... وعن استرجاع ما سلف من عادائه ... لترك تكلف مالايستطيعه ... ) .
والجاحظ يزكر فضلاً عن تمويه البخلاء ، فطنتهم لعيوب غيرهم ، ويقول : ( فما باله ( البخل ) يفطن لعيوب الناس إذا اطعموه ، ولايفطن لعيب نفسه إذا  اطعمهم ، وإن كان عيبه مكشوفاً ، وعيب من اطعمة مستورة ) .
وبعد هذه المقدمه يثبت الجاحظ رسالة سهل بن هارون فى البخل وفيها ردود الرجل على بنى عمه من ال راهبون الذين ذموا مذهبه فى البخل وتتبعوا كلامه فى الكسب.
(6 )

ثم ينتقل الجاحظ الى موضوع كتابه فيبدأ بقصة اهل خراسان ولاسيما اهل مَرْوَ ، وإذا البخل فى اهل مَرْوَ طبع ، وإذا ديوكهم نفسها تسلب الحب من مناقير الدجاج . ويتبع قصة اهل خراسان بقصة اهل البصرة  من المسجدين وقصص زبيدة بن حميد الصيرفى ، وليلى الناعطية واحمد بن خلف ، وخالد بن يزيد ، وابى جعفر ، والحزامى ، والحارث وغيرهم .
ثم يثبت الجاحظ رسالتين ، أحداهما من ابى العاص الى الثقفى فى ذم البخل ومدح الكرم ؛ والاخرى جواب ابن التوأم على رسالة الثقفى فى اظهار مفاسد البذل وما الى ذلك .
قيمه الكتــــاب :-
1-  دراسة الاخلاق :-
اول مايلاحظ فى هذا الكتاب أن صاحبه قصر همه على ناحية واحدة من نواحى الاخلاق وهى البخل وانه مع ذلك انشأ كلاماً طويلاً مما يدل على سعة ادراك الرجل ، ودقة ملاحظته لاعمال الناس التى تعبر عن نفسيتهم واميالهم والتقاطه لادق حركات البخلاء . ولكن اسلوبه فى كلامة لم يكن اسلوب من يقدم فى اشخاصه رموزاًالى كل من احب المال وعلق المادة ، ومثلاً شاملة عاملة ؛ فان الجاحظ يعرض علينا قصصاً وروايات متتابعة من غير ماترتيب فنى يكون وحدة تاليفة .
وليست غاية الجاحظ فى كتابه الهجاء لمجرد الهجاء ، وان حوى كلاماً على الكرم والبخل وحجج هذا وذاك ؛ انما غايته اصلاح تلك الفئه من الناس التى اتخذت البخل مذهباً تؤيده عن عقيدة او عن تمويه . وهو ، إن ذم البخل اوضح مفاسده ، لايغفل عن تحسين الاقتصاد .
واشخاص الجاحظ فى كتابه احياء يتحركون ، وبتكلمون بلغة هى لغتهم ؛ ويكشفون لنا انفسهم . وهم عادة اصحاب جدل ومنطق ، يلجأون الى البراهين المختلفة والسفسطات التى تضحكنا من حيث تقنعهم أو تظهر انها تقنعهم .
وبخلاء الجاحظ هم من (طياب البخلاء ) لاتشمئز النفس منهم ولا تمل قراءة اخبارهم ؛ فقد عرف الجاحظ أن يبث فيهم من خفة روح ، وان يجعل نكتئه على لسانهم ، ويبرئهم من التعدى الذميم على مال الغير مهما اشتد حرصهم على مالهم ؛ ولابل يوصح من اقتصادهم احياناً ما يحمد ومايعتمد عليه فى تدبير المنزل .
(7 )


2-  الفئدة التاريخية :-
يطلعنا الكتاب على ناحية من نواحى  المجتمع العباسى ولاسيما مجتمع البصرة وخراسات ؛ويفصل لنا طرق العيش فى تلك الفئه من الناس واساليب كلامها ؛ ثم يمتد الى كثير من عادات العرب وماكلهم وامثالهم واخبارهم ؛ والى بخل الروم ، وغش الفرس ، وغير ذلك مما يطول سرده .

نمـــوذج من كتـــاب البخلاء :-
بخل اهل مَرْوَ :-
قال ثُمامة (1 )  لم ارالدَيك فى بلدة قط ، إلا؟ وهو لاقط ياخذ الحبة بمنقارِه ثم يلفظها قدام الدجاجة ، إلاديكة مَرْوَ (2 ) فإنى رأيت دِيكهْ مَرْوَ تسلب الدجاج مافى مناقيرها من الحََبِ .
قال : فعلمت أن بخلهم شئ فى طبع البلاد،وفى جوار الماء (3 ) فمن تم عَمٌ جميع حيوانهم .
فحدثت بهذا الحديث أحمد بن رشيد ، فقال : كنت عند شيخ من اهل مَرْوَ ، وصبي له صغير يلعب بين يديْه . فقلت له ، إما عبثاً وإما ممتحناً : أَطعْمِني من خُبزكم . قال : لاتُريده . وهو مر فقلت : فاسقنى من مائكم . قال : لاتُريده وهو مالح . قلت : هات من كذا وكذا . قال لاتُريده ، وهو كذا وكذا .  إلى ان عددتُ اصنافاً كثيرة ً ، كل  ذلك يمنعنيهِ ، ويبغضه إِليً .
فضحك ابوه وقال : ماذنبنا ؟ هذا من عْلمه ، ماتسع  يعنى أن البخل طبع’’ فيهم ، وفى أعراقهم وطنيتهم  .


 
1/ ثُمامة : هو ثُمامة بن اشرس ، من زعماء المعتزلة الفصحاء ،عاصره الجاحظ     2/ مرو : كانت من اشهر مدن خراسان   3/ فى طبع البلاد: فى خلقتها واصل تكوينها – والجواهر : جمع جوهر ة وهم اصل الشئ وماكانت عليه طبيعتهم .




(8 )



3/ كتــــاب الحيــــوان :-
هذا الكتاب اهداه الجاحظ إلى محمد بن عبد الملك الزيات وزير المتوكل وهذا يعنى انه كتبه قبل البيان والتبين ونال شئُُُُ من المكافاةِ عن كل كتاباته وإذا كان هذا الكتاب يحمل عنوان الحيوان إلا انه جمع كثيراً من الأدب اتخذ الجاحظ عناصره من اصناف الحيوانات ومايحكى عنه من قصص وعلوم وماالف عن الحيوان من عادات وامراض وماقيل عن الحيوان من حكم واشعار وقد الف الجاحظ الكتابين وهو على جانب من المرص وشدة وقع النقرس عليه وقد لقى الجاحظ متاعب وصعوبات استطاع بقوة عزيمته وصبره من التغلب عليها وهو يشكو من مرضه فيقول : ( إن من جانبى الايسر مفلوج ولو قرض بالمقارض  ماعلمتُ به من جانبى الايمن ومنقرس ولو مربه الذباب ماعلمتُ ) .
ويحكى الجاحظ متاعبه مع تاليف كتاب الحيوان ولم يذكر شئ من تأليف البيان والتبين ويقول:( لقد صادف منى هذا الكتاب حالات تمنع من بلوغ الارادة فيه اول ذلك العلة الشديدة والثانية قلة الاعوان والثالثة طول الكتاب ولو انى تكلفتُ كتاباً فى طول وعدد الفاظه ومعانيه ثم كان من كتب العرب والجوهر والصفرت والتوليد والغرايز والخاس لكان اسهل واقصر اياماً واسرعُ افراغاً لافى كيف لاافزع فيه الى تلفظ الاشعار وتتبع الامثال واستخراج الاية من القرآن الكريم والحجج من الرواية مع هذه الامورفى الكتب )
مصادر كتاب الحيوان :-
إن المراجع التى لجأ اليها الجاحظ فى وضع كتاب الحيوان كثيرة ليصعب جداً الأتيان على ذكرها كلها . فقد برهن المؤلف فى هذا الكتاب عن معارف واسعة ، واطلاع نادر على جميع الثقافات المعروفة لزمانه من عربية ويونانية وفارسية وهندية ، وعلى جميع الديانات وتعاليمها من مانوية وزراد شتية ودهرية ، ويهودية ونصرانية واسلامية وعلى جميع الفرق والنزعات .
مصادر الجاحظ العربية :-
فهى آثار الاصمعى ، وابى عبيدة ، وابى زيد الانصارى ، والنظام ، وبشر بن المعتمر ، احد زعماء المعتزلة ، والذى نظم قصيدتين فى الحيوان فوصفه
(9 )

واستخرج منه الحكمة ، وقد اورد الجاحظ القصيدتين فى كتابه وشرحها شرحاً مطولاً ؛ ثم القرآن والحديث ، ومارواه الروآة من اخبار ، واشعار العرب ومؤلفاتهم ، ثم من عاصر الجاحظ من علماء
واطباء ، واكثر الرجل من التحدث اليهم والاستفاده من معارفهم .
مصادر الجاحظ الاجنبية :-
فهى كتب ارسطو اولاً ، ولارسطو كتاب فى الحيوان يقع فى تسع عشر مقالة ، نقله ابن البطريق ، ولخصه غيره . ولم يقتصر الجاحظ على ارسطو بل نقل ايضاً عن اقليمون صاحب الفراسة فى الكلام على الحمام ، وعن جالينوس فى مايصلح له لحم الضب ، ومعارف البهائم والطير . ونقل عن الفرس وتكلم على اساطيرهم ونيرانهم . ونقل كذلك عن اليهود والنصارى اموراً كثيرة تتعلق بديانتهم .  
مضمون الكتاب :-
لم يقتصر الجاحظ فى كتابه على طبائع الحيوان ، بل شط عن موضوعه ، وغايته ، واخرج كلامه مخرج الشمول العلمى والادبى ،  فضمنه   معلومات واسعة فى الحيوان وغير الحيوان ، ومزج الجد بالهزل ، والعلم بالادب ، والفكاهة بالمجون مزجا ًغريباً .
اجزاء كتاب الحيوان :-   قد  جعل الجاحظ كتابه فى سبعة اجزاء 
الجزء الاول :-
يتضمن مقدمة رد فيها الجاحظ على من انتقد كتبه التى ذكر منها مايزيد على الاربعين كتاباً ، ثم انتقل الى تفصيل فضل الكتاب وضرورة اقتنائه . وما إنْ انتهى من مقدمته حتى انتقل الى باب الخطاء ومنافعة وجعله توطئه للكلام على الحيوان الذى ذكر منه الكلب والديك .
الجزء الثانى :-
يتضمن تتمة الكلام عن الكلب .
الجزء الثالث :-
يتضماً كلاماً على الحمام وطبائعه ، وعلى الذَّبان والغربان وغيرها . وفيه استطرادات إلى صدق الظن والفراسة والجنون .
(10 )


الجزء الرابع :-
يتضمن كلاماً على الذرة والنمل ، والقرد ، والخنزير ، والحيات والظليم . ومن استطرادات هذا الجزء الكلام على النيران بانواعها : ماكان منها للعرب وماكان منها للعجم ، ماكان للديانات وماكان لغير الديانات .
الجزء الخامس :-
يقسم هذا الجزء الى قسمين : يتضمن القسم الاول تتمة الكلام على النار ، وتفسير بعض الايات ، ثم ماقيل من مديح فى النصارى واليهود والمجوس والاندال وصغار الناس . ويتضمن القسم الثانى كلاماً على بعض الحيوانات كالفأر والجرزان والسناير وغيرها ، وعلى الفرق بين الانسان والبهيمة ، والانسان والسبع .
الجزء السادس :
يتضمن تفسيراً لقصيدة البهرانى فى الحيوان ، ولقصيدتي بشر بن المعتمر ، وكلاماً على الثأر عند العرب وعلى الجبان . وإلى جنب ذلك يتكلم على بعض الحيوانات كالهدهد والتمساح والارنب وغيرها .
الجزء السابع :-
يتضمن هذا الجزء برهاناً على مارمى اليه الجاحظ من وضع الكتاب : اعنى اظهار حكمة الله وقدرته الباهرة . ففيه اظهار ما امتازت به الحيوانات من الحكمة العجيبة ، وما الهمها الله من المعرفة ووهبها من الجبن والجرأة واشعرها من الفطنة بما تحاذر به عدؤها . ولايخلو هذا الجزء ايضاً من الكلام على بعض الحيوانات كالفيل والزرافة وغيرها .
قيمة الكتـــــاب :-
1-  القيمة الادبية :-
 لن نبحث هنا فى فن الجاحظ الكتابى لاننا سنفرد له محلاً خاصاً ؛ انما نقصر كلامنا على اسلوب الجاحظ التاليفى فى كتاب الحيوان فهو يقول فيه : ( متى خرج )القارئ ) من اى القرآن صار الى الاثر ، ومتى خرج من أثر صار إلى خبرٍِِ، شدادِ ، ثم لايترك هذا الباب ولعله أنْ يكون اثقل ، واعلال اليه اسرع حتى يُفضى الى مرح وفكاهة والى سخف وخرافة ، ولست أراه مسخفاً ) . وهو يقول ايضاً :(أن أُوشح هذا الكتاب بنوادر من حزوب الشعر ، وحزوب الاحاديث
(11 )

، يخرج قارئه من باب الى باب ، ومن شكل الى شكل ، فانى رأيتُ الاسماع تملُّ الاصوات  المُطربة والاغانى الحسنة والاوتار الفصيحة إذا طال ذلك عليها ، وإذا كانت الاوائل قد سارت فى صغار الكتب هذه السيرة ، كان هذا التدبير لما طال اصلح ، وما غايتنا من ذلك كله إلا أن تستفيدوا خيراً ) .
فالجاحظ من ثم استاذ يريد انْ يلقى على العالم العربى دروسه ، وهو يريد أن يستفيد سامعوه خيراً ، فيجعل همه كله فى إساغةِ مايقول ، وإساله على الطرق التى تبعد الملل ، حتى تنفتح له القلوب ، وتتفهمه العقول وهى من ثمَّ يرى التنقل من موضوع ِِ الى موضوعِِ ، والاستطراد ، ومزج الجد بالهذل ، خير طريق الى الافهام . ولذلك نراه يخلط دائماً جدا بهزل ، ويسيغ اللقمة الجافة بكثير من الحلوى – وأنْ كثر فيها الاحماض والمجون المكشوف .
وذلك اسلوب الجاحظ فى كتاب الحيوان ، وهو يأسف لسلوكه هذا السبيل : ولكنه
لايرى مناصاً منه ، فيقول : ( ولولا سؤ ظنى بمن يظهر التماس العلم فى هذا الزمن ويظهر اصطناع الكتب فى هذا الدهر لما احتجتُ إلى مداراتهم واستمالتهم ، وترقيعه ونفوسهم وتشجيع قلوبهم مع فوائد هذا الكتاب - إلى هذه الرياضة الطويلة وإلى كثرة هذا الاعتزار ، حتى كأنَّ الذى افيدهُ  إياهم أستفيده منهم ، وحتى كأنَّ رغبتى فى صلاحهم رغبة من رغب فى دُنياهم ).
والجاحظ يعترف بانه عانى فى هذه الطريقة اكثر مماكان قد عانى لوكتب كتاباً فى موضوع واحد من غير استطراد وليس لكتابه اذن من وحدة تاليفية فالمؤلف يراعى فيه اهواء قارئه لاقواعد المنطق والعقل ؛ فكان فيه عالماً وادبياً يرضى العلم والبلاغة ، كما كان معتزلياً يرغب فى الجدل والمناظرة ، حتى إذا لم يجد من يناظره خلق شخصين يتناظران فى مسالةِِ  يريد الكلام فيها ؛ فاذا تكلم على الكلب والديك مثلاً خلق لكلِِ منهما صاحباً يذكر فضائله وفوائده ، ويستشهد على مايقول بالاخبار القديمة والاقاصيص وبما ورد فى التوراة والانجيل والقرآن والحديث .
القيمة التاريخية :-
من استقراء موضوعات الكتاب تتجلى لنا قيمة الكتاب التاريخية ، فهو خزانة معلومات كثيرة الاصول والفروع ، تتناول تاريخ العرب وغير العرب ،
(12 )

وثقافاتهم ، وعاداتهم ، ودياناتهم واحوالهم الاجتماعية مما يؤلف مجموعة واسعة من الحقائق التى اعمل فيها الجاحظ عقله وروحه النقدية ، وابرزها  بقدر ما استطاع من تدقيق وتحرَِِّ 
القيمة العلمية  :-
اختلف النقاد فى قيمة الجاحظ العلمية ، فمنهم من عد الرجل عالماً من اكبر العلماء ومنهم من حط  من شانه العلمى . والحقيقة أنْ الجاحظ عالم وإنْ غلبت الصِغة الادبية ، ولكن علمه لايخل من اضاليل لضعف الوسائل العلمية لايامه . فقد تناول الموضوعات العلمية ، واتبع اصول العلم فى التحقيق ، يحفزه على ذلك روحه المعتزليه التى تجعل العقل فى اساس البحث كما يحفزه  مثل استاذ النظام ابى الروح العلمى فى ذلك العهد وحامل لواء العقل .
 موضوعات الجالحظ العلمية :- 
فهى مما ادركنا فى دراسة ابواب الكتاب .
وقد كان الكتاب الى ماقبل ظهور الجاحظ يصرفون  همتهم الى الاختصاص بالضرب الواحد او الضربين  من انواع العلوم ، اما الجاحظ فلم يتخصص بل شاء ان يكون ( دائرة معارف تحيط بأكثر ماعُرف من العلوم الانسانية وآدابها حتى عهده وأن يزيد عليها . وفى كتاب الحيوان اكبر شاهد على  ذلك .
-  أما اصول تحقيق الجاحظ فهى الاصول العلمية . وقد قال فى مقدمة كتابه : ( هذا كتاب تستوى فيه رغبة الامم ، وتتشابه فيه العرب والعجم لانه إنَّ كان عربياً أعرابياً وأسلامياً جماعياً ،فقد أخذ من طرف الفلسفة ، وجمع معرفة السمّاع وعلم التجربة ، واشترك بين علم  الكتاب والسُّنة ، وبين وجدان الحاسة واحساس الغريزة ) .
 فهو إذن يعتمد الحواس والعقل فى درك الامور . فالعنصر الاول من عناصر تحقيقه هو المعاينة يضم اليها التجربة والفرض والمقابلة والتصنيف . وكل قول فى نظره : (يكذبه العيان فهو افحشُ خطأ ، واسخف مذهباً ، وأدل على معاندة شديدة أو غفلةُ مُفرطه ) .
اما التجربة فكان يعمد الجاحظ الى طرق مختلفة منها : فتارة يقطع اعضاء
(13 )


الحيوان ، أو يلقى على الحيوان ضرباً من السم ، وتارة يذبح الحيوان ويفتش
جوفه وقانصته ؛ تارة يجمع اضداد الحيوانات فى إناء ليعرف تقاتلها ، وتارة يلجأ إلى احدى مواد الكيمياء ليعلم تأثيرها على الحيوان .
أما معرفة السماع فكان الجاحظ يلجأ اليها ، ويتردد على اهل المعرفة من زمانه ويعمد الى كتب ارسطو وغيره . ولكنه كان يُعمل فى كل ذلك تمييزه ، فيناقش ويحاول تحقيق مايسمع .فتارة يسمع الخبر فيثبته كما هو ، وتارة ينفى الشبهه عمن ياتيه بالخبر ، وتارة يكذبه ، وتارة يعجب لقوله إذا لم يجد سبيلاً إلى التحقيق .
والجاحظ يجمع الى معونة الحواس معونة العقل ، ويقول : (فلا تذهب الى ماتريك العين ، واذهب الى مايريك العقل ، وللامور وحُكمان : حُكمُ ظاهرُ الحواس ، وحُكمُ باطنُ للعُقول هو الحُجُّة ) . 
وبها وذاك كان الجاحظ تلميذاً للنظام الذى كان يعتبر الشك اساساً للبحث والذى عمد إلى التجربة واستخدم المنطق فى البحث عن الحقائق . فكان الجاحظ يجعل الشك سيبلاً الى اليقين ، ويقول  : ( إعرف مواضع الشك والامور الحالات الموجبة لهُ لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة لهُ ) ولم يكن الشكُّ عنده لمجرد الشكّ بل كان طريقاً الى المعرفة .
والجاحظ يضيف الى الشك النقد العلمى ، وهو مغرم بالتنبيه على الخرافات والنيل من اصحابها . وقد نال بنقده طائفة من العلماء وأرسطو نفسه . فأخذ على هذا الاخير انه لم يعتمد فى تحقيقه على العيان والسماع والامتحان ، وانه إذا تكلم ، فى بعض الاحيان ، على الحيوان لايستوفى عجائبه . ولم يكن نقد الجاحظ لمجرد النقد إما كان طريقاً الى درك الحقيقة .
تلك قيمة الجاحظ العلمية كما تتجلى لنا من كتاب الحيوان . إلا أنْ علم الجاحظ يعتوره كثير من الاوهام والضلال التى نجدها عند سائر علماء القدم . وقد فات الجاحظ روح الترتيب فى ماخبرخ وعاينه ودونَّه ، كما فاتته قدرة العالمِ على التصميم واستنباط القوانين العامة ، والتمكن من انشاء المقاييس العلمية .
كتـــاب العقــد الفــريد
ابن عبــد ربه
نال هذا الكتاب حظ وافر من الشهرة ولم يشاركه فى الشهرة إلا كتاب الاغانى
(14)

والعقد الفريد يعتبر كتاب بحق وحقيقة أنْ يكون الاول فى نوعه فى الاندلس من
حيث الاضافه والشمول والتنوع و كثرة التمثيل من أدب المشارقة و إذا كان العقد الفريد والاغانى يعتبران اشهر كتابين فى الادب وعلى الرغم أنْ اولهما كتاب  الاغانى وكتاب الاغانى  أُلف فى الاندلس والثانى كُتب فى العراق والعقد الفريد أُلف فى الادب عامة وفى أدب المشارقة خاصة وكان له كتاب منافس اخر وهو كتاب الامالى لابى على القالى أُلف فى نفس المكان الذى أُلف فيه العقد الفريد وذكره صاحب العقد الفريد فى كتاب الامالى ؛ والفارق الزمنى بينهما بعيداً لان ابى على الغالى دخل قرطبة ضيفاً على ابن على الناصر 330 هـ بعد وفاة ابن عبد ربه بعامين ومالبس ابى على القالى أنْ املى كتابه القيم الذى عرف بالامالى غير أنْ لكل من الكتابين مذاقه وطعمه الخاص به فى موضوعاته المميزة به وقبل أنْ نفوض فى موضوع الكتاب ، يجدر بنا أنْ نقف قليلاً عند مؤلف الكتاب أحمد بن عبده ربه الذى عاش بضع وثمانين عاماً فى الاندلس وفى قرطبة مولداً ووفاةً بين عاميى 246هـ - 328 هـ بما انه عاش النصف الاخير من القرن الثالث واكثر قليلاً من الربع الاول من القرن الرابع .
حيث عاش فى الفترة التى كانت الاندلس تبنى فيها شخصيتها العربية والاسلامية وذلك بالاعتماد على العلوم والمؤلفات الوافدة من الشرق وخلافه بكثرة ، ووفرة ولقد عاش أحمد بن عبد ربه ناسكاً فى محراب العلم عاكفاً على اسباب الثقافة متحلياً بالخلق والدين والورع بحيث اجمع كل مَنْ أَرخ له إنَّه كان ذو علم وادب ورئاسةِِ وشهرةِِ ومع ديانةِِ وورع وكان موضع تقدير واحترام من الملوك وفى الاندلس ابتداًً من محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الاوسط الى عبد الرحمن الناصر وكان ملوك الاندلس يحترمون العلم ويجلون العلماء وذلك لانهم كانو ملوك مثقفين ولم يكونوا صورة أو مغامرين وفى ذات الوقت كان العلماء يحترمون انفسهم ويعرفون قدرهم فلم يتهافتوا على ابواب الملوك ولم يذروا بكرمتهم الامر الذى اجبر الملوك على احترامهم فعاش ابن عبد ربه فى هذا المحيط ونال تكرم ثلاثةِِ من كبار من عاصرهم من الملوك ومدح مواطن المدح فيهم وهم المنذر بن عبد الرحمن الاوسط وكان شجاعًا وصارماً وصاحب عزم وعزيمة وعبد

(15 )

الله بن محمد بن عبد الرحمن كان اديباً مع ملوك الدنيا واسعدهم حظاً واطولهم فترة
حكماً وابن عبد ربه واضح المعالم من ناحية علمه وادبه وخلقه وسلوكه واثاره الادبية والعلمية التى تركها بين يدى الدارسين والمؤرخين والمتادبين وتتمثل هذه الاثار فى شعره وفى كتابه العقد الفريد .
وتاتى مكانته فى الصداره عند قدماء الاندلس وادبائهم ويبدو أنْ شعره قد ضاع لذا لم يجد المكانه اللائقة به من عناية الدارسين المحدثين وشعر ابن  عبد ربه يمتاز بالتجديد فى الفن الشعرى حيث روى ابن بسام فى الذخيرة بانه اول من انشأ فن الموشحات مشرقية الميلاد والنشأة إلا أنَّ هذا لايمنع انْ يكون ابن عبد ربه من رواد الابداع والتجديد فى شعر الاندلس وصفه مؤرخ الاندلس ابن سعيد بانه  امام اهل المائة الرابعة وفرسان شعرائها فى المغرب محلها وشعر ابن عبد ربه مترجم عن نفس شاعرةً وقيمة شفافة ً مالكةً بنواحى الشعر متقنة وصناعة فيمدح المنزر بن محمد فيقول :
 بالمنذر بن محمد            شرفة بلاد الانـدلس
  فالطير فيها ساكنُ           والوحش فيها قد انسى
هى قصيده طويلة وعندما يكتب شعراً عند انصراف القوانى عن العاسق مع انصراف شبابه فياتى بالطريق من المعانى فى ثوب من جيد الشعر ورقة الايقاع فيقول :
  إِنَّ القوانى إن راينك طاوياً         يرد الشباب طوينا عنك الوصال
             فإذا دعونـــك عمهن فانه       نسب يزيـدك عندهن خبـــال
ومن روائع ابياتة هذان البيتان الساحران اللذان تاثربهما ابن زيدون دون شك حين بكى  حبه ولادة مغترباً فى البلاد سائحاً فى الربوع ويقول ابن عبد ربه :-
   الجسـمُ فى بلـدٍ والروحُ فى بلدٍ       ياوحشة الروح بل ياوحشة الجسد ِ
   أن تبكى عيناك لى يامن كلفت به       من رحمـة فهما سهمان فى الكبد ِ
للمتنبى فى شعر ابن عبد ربه راىُ جميل ُ واعجاب ُ باجل وكان يطلق على ابن عبد ربه مديح الاندلس واستنشد المتنبى الوليد بن عبادة عندما مر عليه فقال  له انشدنى لمديح الاندلس فانشده 
         يالولواً يسبـى  العقـول انيق          ورشـاً يتقطـع القلـوب رفيـق
        مااذ رايـت ولاسمعت بمثله         وورداً يعـودُ من الحيـاء عقيـق
   فاذا نظرت الى محاسن وجه         ابصرت فى وجهك فى ثناه غريق
        يامن تقطع خصـره من رقةٍ         مابــالُ قلبك لايكــون رقيـق
(16 )

فقال المتنبى يا ابن عبد ربه تاتيك العراق حبواً .
وله شعرُ رقيق فى الذهد قال حين تقدم به العمر وقد انشأ عديداً من القصائد اطلق عليها الممحصاط وذلك انه محص شعر شبابه بأنْ  نقض كل قصيدةٍ قالها فى صباه فى الصبابة والغزل بقطعةٍ اخرى من بحرها وقافيتها فى المواعظ كما وصف الحرب على فظعتها بمعزوفات  موسيقية دامية وهى مقدرةُ لم تتوفر لكثيرين غيره وبالاطلاع على كتابه العقد الفريد نجد انفسنا امام موسوعة ادبية واجتماعية وتاريخيةٍ سهلة مع الفكاهة والنوادر فالكتاب صورة من صاحبه فالتسمية تسمية ناعمة ( العقد الفريد ) جُمعت الى خيال الشاعر واقع الادب فهو قد قصد الى هذه التسمية قصداً فقد تصور كل بابٍ من ابواب الكتاب جوهرة من جواهر العقد فى جيد الحسناء .
وعقدُ الحسناءُ يتكون من خمسة وعشرين حبة سمينة ولكل واحدة منها اسمُ فى اللغة والعرف واثمنها عادة وهى الحبة الوسطى تسمى الواسطة وكل حبة على اليمين او اليسار على الترتيب المجنبة ثم العسجدة ثم اليتيمة ثم الدرة ثم الزمردة ثم الفريدة تليها اللؤلوة .
الشكل الاتى يوضح تقسيم  كتاب العقد الفريد .
                                    تقابلها
قوس متوسط أيسر:             

               اقسام كتاب  العقد الفريد الفرالفريد ا
اللؤلؤة فى السلطان            1                 1        25      اللؤلوة الثانية فى الفكاهات والمُلح    الفريدة فى الحروب   امرها       2                            24        الفريدة الثانية فى الطعام والشراب
الزبرجدة فى الاجواد والاصفاء       3                           23          الزبرجدة الثانية فى طبائع الانسان
الجمانة فى العقود                   4                                22        الجمانة الثانية فى المتثنين والموسوسينى والممرورين
المرجانة فى مخاطبة الملوك      5                          21         المرجانه الثانية فى النساء وصفاتهن
الياقوتة فى العلم والادب       6                           20    الياقوتة الثانية فى علم الالحان واختلاف الناس فيه
الجوهرة فى الامثال                            7                                                                19               الجوهرة الثانية فى اعاريص الشعر وعلل القوافى
الزمردة فى المواعظ والزهد      8                             18          الزمردة الثانية فى فضائل الشعر
الدرة فى التعازى والمرائى         9                            17      الدرة الثانية فى ايام العرب
اليتيمة فى النسب وفضائل العرب       10                     16        اليتيمة الثانية فى اخبار زياد والحجاج
العسجدة فى كلام الاعراب             11                    15        العسجدة الثانية فى الخلفاء وتواريخهم  وايامهم
المجنبة فى الاجوبة                  12                      14           المجنبة الثانية فى التوقيعات والفصول
                                                        والصدور واخبار الكتبة
                                                                 13
                                واسطة العقد فى الخطب

(17)

قضى ابن عبد ربه سنوات طويلة فى تأليف هذا الكتاب من حديث الجمع وتاليف ولم يفوته أن يقدم لقارئه منهجه فى التاليف وهو منهجُ اخضه ابن عبد ربه للمنطق العلمى ويقنع به القارئى ويلتمس لذلك الاسباب من قول الحكماء والبلغاء ويولد اخباره ورواياته بدون اسناد فى اكثر الاحيان ويتوقع أن يثير ذلك النهج تساؤلات القارئى الحصيف لان العرب قد الفوا أنْ يردوا كل حديثٍ الى مصدره وكل خبرٍ الى منبعه عن طريق الاسناد الصحيح  فيعد المؤلف اجابة بارعة على هذا التساؤل المتوقع وهكذا تلمح فى الرجل منهج العالم وذكاء الاديب .
منهج ابن عبد ربه الذى اتبعه :-
كان ابن عبد ربه انتقائياً ومقتبساً اكثر منه مبدعاً أو اصيلاً ولعل مادة أدبه لاسيما فى العقد الفريد كانت تفرض عليه ذلك .فهو يفيد تسجيل الاخبار والدينية ويصححها أو يضيف عليها ، ولا يضعها ، أو يرويها لاول مرة . إنهَّ ينتقى من الاخبار اقربها الى الصحة ، واقنعها كما ينتقد الزائف منها والمستغرب ، والمدروس والعجيب فى امره انه لايرى كبير فضل للمتقدمين ، كابن قتيبة ، المبرد وسيبويه وغيرهم من العلماء والادباء والمصنفين ، مع إنهّ ًيأخذ بنفسه معجباً بمواهبه لايرى لها نداً بين للمتقدمين اما المتاخرون فهو افضلهم عن اختياره ، وجودة اختصاره للمادة التى نقلها من غيره فهو يقول : ( وإختيار الكلام اصعب من تأليفه ، وقد قالوا اختيار الرجل واقد عقله .. ثم أنى رايت اخرٍ كل طبقة وواضعى كل حكمة ، ومؤلفي كل أدب اعذب لفظاً واسهل بنية واحكم مذهباً ، واوضح طريقاً من الاول ، لانه ناقض متعقب فالاول بادٍ متقدم ).
 اما احكامه فى امور الفرق الدينية والشعوبية ، والتشيع والغناء والشراب فالاعتزال ظهر فيها ومع انه مالكى المذهب ويعيش فى عنف الامويين فقد كان فيه ميل إلى انصاف علي وآله وذكر فضائلهم وتقديمهم مما لا مجال إلى ذكره هنا وهو مثبت .
اسلوبه :-
خارج العقد لانجد لابن عبد ربه نثراً ذا قيمة أدبية تذكر لكننا من مقدمات ابواب (عقده ) نستشف روحاً مرحة تميل الى الدعابة والتفكه مما يصيغ على اسلوبه رقة محببة ، وعلى معانيه جواً من الوضوح والرضى ، فلا جفاف فى الرد ولارتابة ، جاحظى الروح والطريقة يراعى – مثله – التنويع والتنقل بين الاذدواج اللفظى
(18 )
                               
والمعنوى يقلل من التسجع والترصيع وينأى عن التعكف والتعقيد  الامر الذى سنراه واضحاً بل سمةً من سماته البارزة كما أنَّ لطبيعة الاندلس الضاحكة برياضها وغياضها وانهارها انعكاس شديد فى وصفاته .
رقيق كما غنت حمامة ايكة     وجزل كما شق السماءُ عقاب
وعلى هذا فإنَّ ابن عبد ربه يعتبر من كتاب الرعيل الثانى فى الاندلس ، كُتاب المختارات او المحاضرات الذين قربوا من  التنسيق والتبويب والتسلسل فوضى فى الجمع ولاشتات بالرغم من تراكم الموضوعات بين يديه وإذا ماتاثر الجاحظ بظروفه الاجتماعية وعلماء الكلام وانعكس ذلك فى جدليه اسلوبه الساخر ، وإذا ماتأثر المبرد بذوق النحاة والفقهاء وظهر هذا فى كلامه ، واذا غلبت اللغة وتعقيداتها على ابى علي القالي فى اماليه واحتجب الروح الادبية وراء مهاراته اللغوية والنحوية وإذا رجح التحفظ والتزمت على اسلوب ابى قتيبة والنقل اكثر من تلك العوائق وارسل قلمه إلى رسله فى الاختيار والانتقاء ، واصبغ على جفاف الكثيرمن مواد كتابه الدينية والمذهبية والتاريخية وروح الادبية الطاغية ،  فكان أنْ طغت (شخصيته ) على كتابه اكثر مما طغت شخصيات
هؤلاء المؤلفين ممن ذكرناهم على مؤلفاتهم .
وزاد على اكثرهم إنه لم يكتف بالنقل بل بالوضع ولم  يقبل بأراء  المتقدمين  في الادب والادباء كما انتهت اليه ، بل نقدها  وصححها وعارضها والق احكاماً جديدة في كل موضوع  .
أحكاماً معمقة ، لاسطحية ولاعاطفية ، ولاجارة نقده متازن وهادئ ومرح .
 ومن هنا كان سر اقبال الناس علي العقد  الفريد ، قديماً وحديثاً ، وحبهم له  ولمطالعته  والاخذ منه ، نقاداً كانوا  او محاضرينن   او ظرفاء .
فكتاب ثالعقد  الريد  موسوعة ثقافية عربية تشمل الفنون  الادبية والكرية علي النحو التالي :-
أولاً :  الشعر بمختلف موضوعاته  كل قصيدة او مقطوعة يذكرها حسب  الغرض الذي استهدفته  ويختار نماذجة  اختياراً فائق معملاً فيها ذوقه  الفني .
ثانياً : الخطابة  وهي تتمشي مع كيان الكتاب وجوهره  وفي مواضع  كثيرة كل في مكانها من  فصول الكتاب هذا فضلاً عن  الحشد الكبير من  الخطب التي زين بها
(19 )

اعطاف عقده  وركز عليها في واسطة العقد  مخصصها كلها الخطب استهلها بخطبة الوداع  الرسول صلي الله  عليه وسلم  ثم  ثني بعدد من خطاب الخليفة ابوبكر الصديق رضي الله عنه  وقدر مماثل للفاروق عمر بن  الخطاب رضي الله عنه .
ثالثاً : لقى النثر عناية كبري  من المؤلف فاهتم بالكتابة وادواتها من اقلام  وحبر وصحف وعن الكتاب وصفاتهم  وما ينبغي ان  يتحلوا به .
رابعاً : يشكل الادب في موضوعاته  المختلفة سمات ظاهرةٍ في الكتاب نجد ذلك في
فصل  السلطان وفصل الاجواد الوقود  ومخاطبة الملوك  والمواعظ .....الخ  .
خامساً : نال التاريخ  العربي اهتماماً كبيراً في أكثر صفحات الكتاب ومن خلال موضوعاته .
سادساً : اهتم بالعرب و امثالهم وهم  العدة الاولي لمن أراد ان يلج  باب الدراسات  العربية من  مدخلها الصحيح  فعقد باباً كاملاً وهو كتاب  الجوهرة  للامثال التي تمثل  المعاني والقيم  وجمع فيه  نفيس الشعر وبليغه.
سابعاً : وجد الحديث عن الزهد والاخلاق  والدين نصيباً موفوراً في الكتاب .
ثامناً : لم  يهمل صاحب الكتاب الابداع  النفسي والنثرية عند القارئ الذي ينشد  القراءة  الحقيقية  لسلوي ينشدها او هم  يريحه فكتاب الياقوته  والجمانة  والؤلؤة عرض فيها من الالحان  والفكاهة والنوادر واشتاتاً من الاخبار المضحكة والنوادر الطرفية .
تاسعاً : كما يتصل  بالثقافة  العامة ومنه  ذلك ماكتبه في طبائع الانسان  وسائر الحيوان  وتفاضل البلدان  وهوما أطلق عليه  كتاب الزبرجدة الثاني تحدث عن النفس  والدار  التزين  والتطيب والمشي والركوب وعن  الخيل والبغال والحمير وعن السباع  والطير .
*ماخذُ اخذه على منهجه إنه قلد منهج ابن قتيبة :-
 قسم المؤالف الكتاب إلى خمسة وعشرين كتاب يحملُ كلُ منها اسم درة من درر العقد الجيد مما يدل على إنه تاثر إنْ لم يكن نقلاً عن العالم المشرقى ابن قتيبة فى منهجه فى عيون الاخبار حيث قسم كتاب الحرب ، كتاب العهود ، كتاب الطبائع ،
(20 )


كتاب الذهد وكتاب الاحوال ، كتاب النساء ، كتاب الاجواد ، الكتب السته الاولى اخذها ابن عبد ربه بمسمياته اطلقها على كتبه واطلق عليها اسم حجر كريم وحيث سمى كتبه الفريدة فى الحروف والزبرجدة الثانية فى طبائع الانسان والحيوان والياقوتة  فى العلم والمرجانة فى النساء وكانت امانة العلم تقتضية أنْ يشير إلى استعانته بمنهج ابن قتيبة فى منهجه ولكنه لم يفعل وبعد فالعقد الفريد عقدُ ثمينُ فى جيد العربية حسناً وادباً وقيمة ً وتراثاً .
معجــم الادبــاء
ياقــوت الحموى
يعتبر كتاب معجم الادباء فى مقدمة التراجم من ناحية الشهرة والنثر ويعتبر على قمة التراجم اهميةً وذلك لان معجم الادباء يمتاز عن غيره  من كتب التراجم بتخصصه بتراجم الادباء وبخاصة من مؤلفاتهم وليس الامر كذلك فى بقيت كتب التراجم التى اهتمت بكل الاعيان على ا ختلاف  شخصياتهم وصفاتهم ونوازعهم ومقاماتهم من خلفاء وملوك وفقهاء وعلماء ومحدثين وذهاد وصوفية وقضاة ووزراء وقواد وكُتاب وشعراء وفلاسفة واطباء الى غير ذلك من الاعلام والاعيان اما فى معجم الادباء فلا مكانة إلا للعالم ولاترجمة إلا للاديب صاحب مؤلفات.
مؤلف الكتاب :-
ياقوت بن عبد الله الحموى والنسبة الى حما الاصلة له بهذه المدينة السورية وذلك لان ياقوت مولود ببلاد الروم سنة 575هـ ومن ثم فإنَّه يعرف بياقوت الرومى اما صفة الحموى فهى نسبة الى الرجل الذى ابتاعه وهو بغداديُ أُسمه عسكر بن نصر الحموى ومن هنا كان لابد لهذه الاشارة حتى نتجنب الخطأ الذى وقع فيه اكثر من رجال الادب  والباحثين حينما يترجمون لياقوت ويربطون بينه وبين مدينة حما وكان ياقوت بغدادى الدار ولما كان بعض الارقاء يتاجرون لمواليهم ويرتحلون معهم ويبيعون ويشترون لهم رغب عسكر مولى ياقوت أنْ يعلم فتاه مبادى القراءة والكتابة والحساب حتى يساعده فى ضبط امواله وحفظ تجارته فقام ياقوت بالعديد من الاسفار  وكان فى ذات الوقت مغرماً بالعلم والاطلاع  فتعلم شيئاً من العلم واللغةِ وتحسين الخط ومالبس أنْ نال حريته وانعتق من رقة الرق وبعد جفوة بينه
(21 )


وبين مولاه تركه ثم عاد اليه مرةً اخرى عندما ترجاءه عسكر لذلك وعمل معه إلى أن وافته المنية .
 فاعطى ياقوت اسرة عسكر ما اعطاها من المال واستثمر لنفسه ماجعله  بدايةً لاستثمارئه وفى سنه 602 هـ ترك ياقوت بغداد واتجه الى دمشق واقام فى اسواقها نجد أنَّه كان متاثراً بمذهب الخوارج شديد التحامل على علي بن ابى طالب فبدر منه مالا يليق من القول فى حق الخليفة الراشدى وتالب عليه الناس فلا يجد بداً من أن يقابل دمشق هارباً بعد اقامة طويلة فى حلب ومنها انتقل الى الموصل وظل يضرب فى سجاج الارض الى أنْ استقر به المقام بظاهر حلب منذُ 617 هـ  الى أنْ وافاه اجله 626 هـ  افاد ياقوت من الاشعار على ماساعده فى تاليف بعض كتبه خاصة كتاب البلدان كما الف كتباً ذات قيمةٍ  ومنفعةٍ جليلهٍ .
منهج ياقوت فى معجم الادباء :-
بذل ياقوت جهداً كبيراً فى ان يجعل كتابة متميزاً عن بقية كتبه وكتب من سبقه من المصنفين القدامى ويمكن عرض منهج ياقوت ونستعرض معجمه عن الادباء على النحو التالى :-
اولاً:-  أنْ ياقوت يذكر هؤلاء المؤلفين جميعاً ولايجد من اسماء كتبهم إلا القليل مثل : شجرة الذهب فى اخبار من ذهب لمجاشعى الذى لايعنى بالاخبار لا يعبُ بالوفيات نزهة الادباء فى اخبار الادباء لكمال البارى ويرى أنَّ كتاب ابن بكر الاشمينى الزبيدى افضل هذه الكتب جميعها ولكن  هذه الكتب التى ذكرها كانت من مصادره فى تاليف كتابه الذى نحن بصدد الحديث عنه .
ثانياً : التزم ياقوت فى ترتيب الاعيان والادباء الذين ترجم لهم حروف المعجم التزاماً دقيقاً فى الاسم ثم فى اسم الاب ثم اسم الجد إنَّ تطابقة الاسماء جعل التقدم فى الذكر لمنْ تقدمت وفاته  اما عن الاقطار والامصار فلم يميز بين بلدٍ وبلد وانما ذكر اعيان الادباء على امتداد العالم الاسلامى من اواسط آسيا شرقاً إلى شواطى المحيط الاطلنطى غرباً من مغرب الاندلس ويوضح ياقوت ذلك المنهج فى قوله : ( وجعلت تربيه على حروف المعجم اذكر من اول اسمه همزة ثم الباء ثم التاء الى اخره والتزم ذلك فى اول حرف من الاسم وثانيه وثالثه وطبعه فابدا بذكر من اسمه (ادم ) الا ترى أنّ اول همزة ثم الف من اسمه ابراهيم لان اول اسمه الفُ كذلك إلى اخر الحروف والتزم ذلك فى الاباء ايضاً اللهم إلا أنَّ يتفق اسماعدة رجال واسماء ابائهم فان ذلك مما لاحصر فيه
(22 )

إلا بالوفاء فإنْ اقدم من تقدم بوفائه على من تاخر وافردت فى الحروف اخر كل حرف فصلاً اذكر فيه من اشتهر بلقبه على ذلك الحرف من غير أنْ  اورد شيئاً من اخبار فيه انما ادل على اسمه واسم ابيه لتطلبه فى موضعه ولم اقصد قطر معين بل جمعت البصريين والكوفيين والبغداديين والخراسانيين والحجازيين واليهوديين .
ثالثاً : يتارج ياقوت فى صدر تقديم كتابه الوضوح بين طيبة ذوى الوقار وتواضع العلماء ومن فخر ذوي التيه وإجلاء ذوى الخيلاء المتكبيرن وهو فى تواضعه ربما كان اكثر إجلالاً منه فى خيلاته فى اسلوب الحكيم وصياغ الاديب  إنه يكون متواضعاً طالب العفو عن الذللَ والغفران عن الخطأ : ( وانا قد اعترفت بقصورى فيما اعتمدتُ عن الغائب كتقصيري  عن الانتهاء الى النهاية  واسالُ الناظر فيه ألايعتمد العنت ولا يقصدُ قصد من إذا رى حسناً ستره وعيباً  اظهره وأن يتامله بعين الانصاف لا الانحراف ومن طلب عيباً وجده  ووجد من افتقد  ذلك اخيه بعين الرضى قفد رحم الله إمرءاً قهر هواءه واطاع الانصاف ونواه وعذرنا فى خطاَّ إٍنْ كان منا والكمال محال لغيرى ذى الاجلال ) .
رابعاً : اتبع ياقوت مقدمة الكتاب بدراسة  طريفة فى فصلين فصل خصصه  لحديثٍ عن فضل الادب واهله ضمنه مجموعة ممتعة من الاخبار الطبقة العذبة حول العلم والجهل بعضها شعرُ وبعضها نثر مع احوالٍ من بدائع الاصمعى ولطائفه والفصل الاخير خصصه لفضل علم الاخبار مع نخبةٍ من المحاولات والاسماء والاشعار .
خامساً : يضم الكتاب عدداً كبياً من التراجم حددها بالف وخمسة وستون ترجمة لاعلام الادباء والمعارف على مساحة الارض الاسلامية والعربية منذ القرن الاول الهجرى . 





(23 )


كتـــاب الاغانــى
ابو الفــرج الاصفهانــــى
(284 هـ __  356 هـ )
ابو الفرج : على بن الحسين ، عربى الاصل ، قرشى النسب . ولد فى اصفهان  وإليها نسب ، ونشأ فى بغداد فأخذ عن أئمتها علوم اللغة والادب ، والاخبار والسير والموسيقى ، حتى أصبح واسع الثقافة متعدد الجوانب .
ترك مؤلفات كثيرة اشهارها ( كتاب الاغانى ) الذى امضى فى تأليفه خمسين عاماً ، والذى أحدث عنده ظهوره من التاثير مالم يحدث كتاب اخر . وهو فى الاصل كتاب فى تراجم الشعراء والمغنين منذ الجاهلية حتى عصر أبى الفرج . ولكن فيه ،الى ذلك ، أخبار قبائل العرب وقصصهم ، واخبار المجانين والقيان ، والخلفاء والامراء ، محاسن ماقيل فى الشعر ، كما تضمن وصف مأكل العرب وصوراً من حياتهم الاجتماعية فى جانبى الجد والهزل فهو مكتبة فى كتاب .
هدف الكتاب ومنهجه :-
الكتاب مزيج بين الموسيقى والادب فمن خلال الموسيقى جمع  الاصوات المئة التى اختارها المغنون للرشيد والاصوات بلغة عصرنا هى الالحان  ومن خلال الادب حشد ابو الفرج فى كتابه استطراداً من النص الشعرى الملحن واسم مغنيه وقائله واخباره واشعاره وبيئته وثقافته وصلاته بالناس وصورة عصره ووصف مجتمعه الى غير ذلك ومن ناحية الغناء وهى الصفة الملازمة للكتاب ملازمة ابدية لان اختيار المؤلف لكتاب ( الاغانى ) فانه عمد على ذكر المئه صوتٍ المختارة للرشيد وهى التى امر كلُ من المغنين الكبار ، مثل : ابراهيم الموصلى وابراهيم بن جامع وفليج بن  الفراء باختيارهم له من الغناء الذى عرفه وهذه الاصوت المئه قد رفعت بدورها إلى الواثق بن المعتصم فراى أنْ يدخل بعض التعديلات فى اختيار الاصوات التى جمعت بجده وكان مؤلفاً لطرب محباً للموسيقى مشاركاً فيها حتى أنه صنع  لنفسه مئة صوتٍ وثم له مااريد امرهم أنْ يختاروا عشرة منها فاختاروه ثم امرهم أنْ  يختاروا افضل ثلاثة  منها فقالوا ولكن ابى الفرج فى اغانيه يستفتح عمله

(24 )

بذكر الاصوات الثلاثة ثم لايلبس أنْ ينطلق منها صوت بعد صوت حتى المئة احصائياً وكتاب الاغانى عنى فى ذاته ومن حيث أنه اكبر مرجع عربى فى ذكر الغناء وتاريخه وقواعده والالات الموسيقية التى كانت مرجع عربى فى عصره أو سابقة عليه ولكن تكون على شئ من الحرص .
ونحن نستثنى من ذلك الكتاب الموسيقى الكبير للفارابى وإنه اكبر واعظم عمل موسيقى عربى وهناك فقرق بين طبيعة الكتابين وكمصدر اعلى  للغناء العربى فإنَّ الاصفهانى يلمُ بكل المغنين والمغنيات وفنونهم واخبارهم والحانهم فى اجزاء الكتاب على سعةِ رقعتهِ ويعرف باول من دون الغناء العربى وهو الكاتب يونس بي سليمان من اهل المدينة الذى اخذ فنه من الرعيل الاول من رواد الغناء العربى ، مثل : معبد ، القرير ، ابن سريج ، ابن محرز ، وقارئى كتاب الاغانى سوف يصادفُ فى طريقه كثيرًا  من المسطلحات يستغلب فهمها وذلك لانها مصطلحات موسيقية بحته وكلها تتعلق بالعود العربى ومن هذه المصطلحات اليم ، المثلث والمتنى والزير إنها اوتار العود من اعلى الى السفل .
كما يصادف قارئى الكتاب وبخاصة عند الاصوات اسماء شكل عليه امرها حتى لايكاد زهنه يتصرفُ الى اوزان ابطال حمل الاثقال ،مثل : ثقيل اول وثقيل ثانى وخفيف الثقل الثانى وخفيف الخفيف إن هدف الكتاب  فى طريقته الموسيقية من ناحية الشكل العام ولكنه فى الواقع كتاب عظيم من كتب الادب العريقة بل أن الناحية الادبيه فيه اوسع واشمل من الناحية الموسيقية إن الكتاب   موسوعة ادبيه فنية ولعل اكثر الادباء تحمساً لكتاب الاغانى وهو لصاحب بن عباد حين وصفه بانه : ( مشحون بالمحاسن المرتقبه والمفاقر الغريبة فهو للذهاد فكاهة وللعالم مادح وللكتاب والمتادب بضاعة وتجارة وللبطل رجلة وشجاعة ولمتظرف رياضه وصناعة وللملك طيبة ولذاذةُ ) .
مآخذ على كتاب الاغانى :-
للاغانى كل هذه الوجوه المشرقة من الجودة والافادة والاتقان والجهد ولكن فى الكتاب الكثير مما ينوه عنه الذوق وتنفرد منه النفس السوية وتنفر منه النفوس السوية وهو ملي بالحكايات الخلقية واكثر من ذكر العورات وتعريتها فى الحاح امامن الناحية المنهجية فهناك بعض المآخذ حين اغفل ترجمات بعض كبار الشعراء فى
العربية ، مثل: ابو العتاهية وابى نواس وابن الرومى .
(25 )

كتاب اللمع فى اللغة العربية
ابن جنى
لقد تصدر ابن جنى مجالس العلم فى سن مبكرة ولازم ابا علي الفارسى مايقرب من اربعين عاماً ، ولما توفى ابا علي الفارسى حل محله ابنى جنى فى تدريس النحو بمسجد بغداد ، وكما كان لابن جنى كتبه الموسوعة المطولة كالخصائص وسرصناعة الاعراب والمحتسب فى تبين شواذ القراءات فله كتب مختصرة ميسرة مثل : ( التصريف الملوكى ) و ( عقود الهمزة وخواص امثلة الفعل ) و( مايحتاج اليه الكتاب ) و ( المقتضب ) و(اللمع فى اللغة العربية ) ويبدو أنَّ ابن جنى اراد تصنيف كتاب اللمع أنْ يضع كتاباً فى النحو سهل العبارة واضح الفكرة حسن التقسيم بعيداً عن ذكر اراء العلماء وخلافاتهم مبراً من الاضافة فى العلل وذكر العوامل فلا يعرض لها إلا بقدرٍ يلائم حاجة الناشئين والمتعلمين ولذلك كثير كثر فى كتابه استعمال علمة ( اعلم ) وكلمة ( نقول ) وقدسبقة فى استعمال  الكلمتين شيخ النحويين سيبويه .
وقد بدا ابن جنى كتابه هذا بمدخل تناول فيه الكلام والمعرب والمبنى والاعراب والبناء ، واعراب الاسم الواحد والصحيح والمعتل والاسماء الستة والمثنى وجمع الذكور وجمع الاناث وجمع التكسير ، ولايشير الى علامات اصلية وعلامات فرعية .
منهج ابن جنى فى الكتاب:-
المنهج الذى اتبعه ابن جنى إنه قسم الكتاب الى ابواب على النحو التالى :-
1- عقد ابواب بمعرفة الاسماء المرفوعة وهى المبتدا والخبر والفاعل ومالم يسمى فاعله ، واسم كان واخواتها وخبر إن واخواتها .
2- عقد ابواباً لمعرفة الاسماء المنصوبة وهى المفعول المطلق والمفعول به والمفعول فيه ، والمفعول له ، والمفعول معه ، والحال والتمييز والاستثناء ، واسم إن واخواتها ، وخبر إن والخواتها .
3- عقد ابواباً لمعرفة الاسماءالمجرورة وهى المجرورة بالحرف والمجرورة بالاضافة .

26 ))


4- عقد ابوابً لمعرفة مايتبع  فى اعرابه ، فذكر الوصف والتوكيد والبدل ، وعطف البيان وعطف النسق .
5- عقد باباً للنكرة والمعرفة وباباً للنداء والترخيم  والندبه .
6- عقد باباً لاعراب الافعال وبنائها وتناول نواصب الفعل المضارع وجوازمه ، وفى اطار حديثه عن الافعال عقد باباً للشرط ، وباباً للتعجب ، وباباً لنعم وبئس وحبذا وبابًا للعسى .
7- عقد ابواباً تناول فيها (كم ) ومالا يتصرف ، والعدد والجمع ، والقسم والموصول والحروف الموصولة ، والنسب والتنوين ، والنسب ، والتصغير ، والفات والوصل والقطع  والاستفهام ، ومايدخل فى الكلام فلا يغيره والحكاية والخطاب والامالة .
والكتاب  بهذه الصورة اشتمل على ثلاثة وسبعين باب ضم ابواب الصرف  وهى النسب التصغير والاماله والجمع ويراد الباب هنا اما المسائل  الكبرى النحوية او صرفية واما مايدل على الوظائف النحوية كما نلاحظ أن ابن جنى بعد مافرغ من المدخل وهو يعد مقدمات لابد منها لانها توطئة لما بعدها جمع ابواب النحو فى اطار المعمولات فبدا بالاسماء المرفوعة ثم الاسماء المنصوبة ثم الاسماء المجرورة ثم بما يتبع الاسم فى اعرابه وبذلك يكون قد تناول الاسماء  والاعراب اصل فيها ، وقبل أنْ ينتقل بالمدخل لكان اكبر احكاماً ، كما عقد بعد ذلك باباً للنداء وملحقاته ولو انه الحق بالمنصوبات لكان اولى .
ملحوظة :-
ونلاحظ انه عرض للافعال مقابل الاسماء فتناول الفعل المضارع ثم افعالاً خاصة تسمى التركيب الذى يتضمنها بسمات تركيبية معينة ، كما نلاحظ أنْ الابواب الاخيرة التى بداها بـ ( كم ) تناول متفرقات كان يمكن ان توضع فى مواضع اخرى تتفق مع دقة التقسيم .
كتــــاب العيــن:-
واضعه الخليل بن احمدالفراهيدى البصرى ، عربى من اذد عمان ، ولد سنه مئه للهجرة وتوفى سنه مئه خمس وسبعين ، ومنشاؤه ومرباه وحياته فى اليصرة وقد اخذ منذ نعومه اظافره الى حلقات المحدثين والفقهاء وعلماء اللغه والنحو ، واكب
(27 )

اكباباً على حلقات استاذيه عيسى بن عمر وابى عمر بن العلاء  كما اكب  على مانُقل من علوم الشعوب المستعربة ، وخاصة العلوم الرياضية وكان صديقاً لابن المقفع مواطنه ، فقرأ كل ماترجمه وخاصة منطق ارسطو طاليس كما قرأ ماترجمه غيره من علم الايام والموسيقى عند اليونان ، وحذف هذا العلم حذفاً جعله يؤلف فيه كتاباً كان الاصل الذى اعتمد عليه اسحق الموصلى فى تأليف كتابه الذى صنفه  فى النغم واللحون .
وكان عقل الخليل من العقول الخصبة النادرة ، فهو لايلم بعلم ٍ حتى يتهمه اتهاماً، بل حتى يستوعبه ويتمثل وينفذ منه الى مايفتح به ابوابه الموصدة ، وحقاً ماقاله ابن المقفع فيه إن عقله اكثر من عمله ، وهو عقل جعله يتصل بكل علم ويجوز لنفسه منه كل مايبتغى من ثراء فى التفكير ودقة فى الاستنباط .
منهج كتاب العين :-
فقد وضع الخليل منهجاً قويم لمعجم العين على النهج الصونى فى ترتيب ابواب معجم العين ، اذ بناه على تقليب كل صيغة الاصلية ، بحيث تدرج فية مع كل كلمة من الكلمات الاخرى التى تجمع حروفها وتختلف فى ترتيبها بتقديم بعض منها على بعض فكتب مثلاً يوضع معها ، بحيث ، وتكتب ، وبتك ، بكت وبتك وبذلك حصر فى المعجم جميع الكلمات التى يمكن ان تقع فى العربية ، مميزاً دائماً بين ما استعملته منها وما اهملته ولم تنطق به على نحو مايميز فى العروض بين الاوزان المستعملة والاخرى المعملة وراى أن يكون ترتيب الكلمات فى المعجم على مخارج الحروف ومواقعها من الجهاز الصوتى وهو الحلق واللسان والفم والشفتان ، بادئاً بحرف العين وبه سماه .
وهو صنيع يلتقى فيه بصنيع الهنود فى ترتيبهم لحروف لغتهم السنسكريتية وربما عرف ذلك من بعض نازلتهم فى موطنه ، وهى فى معجمه مرتباً على النحو التالى :-
العين ، الحاء ، الهاء، الخاء، الغين ، القاف ، الكاف ، الجيم ، الشين ، الضاد ، الصاد ، السين ، الزاى ، الطاء ، الدال ، الثاء ، الظاء ، الذال ، التاء ، الراء ، اللالم ، النون ، الفاء ، الباء ، الميم ، الياء ، الواو ، الالف .
وهو ترتيب اساسه كما ذكرنا انفاً مخارج الحروف ومدارجها وهى عنده سبعة عشر مخرجاً موزعة على الجوف والحلق واول الفم ومناطق اللسان وحافته وطرفه
(28 )

والثنايا والشفة  السفلى والشفتين واتهم القدماء مادة هذا المعجم وقالوا انها ليست    من عمله وانما من عمل تلميذه الليث بن رافع باسطين فى ذلك ادله قوية غير انهم اتفقوا على انه هو الذى رسم منهجه له ، لما لحظوه من التقاء منهجه بمنهج علم العروض الذى رسمه وقيام المنهجين جميعاً على اساس نظرية التباديل والتوافيق الرياضية .
رتب الخليل فى كتاب العين الابواب وذلك بانه بدا بالثنائى ثم انتقل الى الثلاثى ثم الرباعى ثم الخماسى ، بدا بكلمه عبء وقال عب الماء اذا شرب الماء باندفاع شديد  العب صوت الغراب والعبعب نوع من الملابس والعيبت نوع من الشراب والعباء نوع من السحاب المحمل بالمياه الثقيبة ، الفعل الثلاثى عند الخليل ينقسم الى قسمين ، معتل ، صحيح وقد جعل الخليل الفعل الرباعى و الخماسى فى مكان واحد .
 وكان من تلاميذ الخليل سيبويه ،ابو عبيدة .
اهتم الخليل فى كتاب العين باللغات واللهجات العربيه ياتى بالكلمة والترادف  والابدالات فى الكلمات مثلاً .
الخبعَ ، والخبعُ ، خبعَ الطفلُ إذا بكاء بكاءً شديداً ، عكست وعكبت وقوف الطير عليه .
هنالك العديد من الدراسات  درات حول كتاب العين من قبل القدماء والمحدثين بعضهم اشاد به ومجده والبعض نقد ومن المحدثين شوقى ضيف وجورج زيدان  على سبيل المثال لا الحصر .
مختــــارات البــارودى :-
جامع هذه المختارات الشاعر المعاصر محمود سامى الباروى (1840 م __ 1904 م ) والذى نشأ فى القاهرة ، وكان رئيساً للوزارة قبيل الثورة العرابية ، وهو حامل لواء النهضة الشعرية الحديثة وله الفضل فى إحياء الشعر وبعثه من رقدته وقد دفعه حبه للشعر القديم الى أنْ يقبل على دواوين اصحابه قراءة وحفظاً واختياراً ، فكانت حصيله ذلك مختاراته الشعرية التى سميت باسمه . ولاشك أنْ هناك دافعاً اخر ساقه الى هذا الاختيار ، وهو تقويم الملكه وتنمية الموهبة عن الحفظ والدراسة، بتقديم مجموعةمختارة من اجمل الشعر الذى فى العصر العياسى خاصة ، بدءاً من
(29 )


(بشار بن برد ) .أو المحدثين – حتى (ابن عنين ) الذى عاصر صلاح الدين الايوبى ، وتوفى سنة 630هـ .
وقد انتخب البارودى ثلاثين شاعراً عباسياً ، واختار لكل منهم مجموعة مناسبة من شعره ، حتى بلغت جملة الابيات المختارة حوالى 40.000 بيت ، تطول القصيدة فيها تارة ، أو تقصر القطعة تارة أخرى فتصل الى البيت او البيتين .
منهج ابواب البارودى :-
وقد قام منهج المؤلف فى تبويب كتابه على الامور التالية :-
1- قسم مختاراته الى سبعة ابواب هى : الادب ، المديح ، الرثاء الصفات ، النسب ، الهجاء ، الزهد .
2- واختار فى كل باب منها شعراً وافراً من أولئك الشعراء الثلاثين على التوالى واسبقيتهم فى الوجود . وربما اغفل بعضاً منهم إذا لم يعثر على شئ من اشعارهم فى الغرض الذى ساق الباب من اجله .
3- رتب اشعار كل شاعر على حروف المعجم ومبدئاً بها رؤية الهمزة ، فالباء ، فالتاء ... وهكذا .
4- لم ينتخب إلا الجيد من الشعر ، لفظاً ومعنىً ، لكنه يتصرف أحياناً فى ترتيب بعض الأبيات فى القصيدة الواحدة ، أو يبدل حرفاص مكان آخر إذا إقتضى السياق والإختيار هذا التبديل .
     نشرت (مختارات البارودى) بعد وفاته فى أربعة أجزاء كبيرة                     سنة (1327هـ  ـ1329هـ)  ذيلت صفحاتها بشرح بعض المفردات الغامضة .

المنتخب من أدب العرب
إشترك فى جمع هذا الكتاب وشرحه عدد من الأدباء واللامعين هم : طه حسين ، واحمد الإسكندرى ، وأحمد أمين ، وعلى الجارم ، وعبد العزيز البشرى ، وأحمد ضيف.
  وهو يضم نصوصاً أدبية ، وشعرية ونثرية ، فى مختلفة الأغراض والفنون ، وفى متباين الأزمان والعصور . وقد حرص المؤلفون فى إختباراتهم على أمرين .
(30 )


1- أن تكون النصوص المختارة لكل عصر من العصور مرآة صافية وصور صادقة واضحة للحياة الأدبية فى هذا العصر ، ولشخصيات الأدباء أنفسهم ومذاهبهم فى الأدب .
2-   أن تكون هذه النصوص فى الوقت نفسه جميله رائعة ، خفيفة الموقع من الاسماء ، تستطيع ان تبعث فى قلوب الشباب حب لغتهم وادبها  ، وترغبهم فى التزيد منها ،  والتفقه فيهما  .
و( المنتخب من ادب العرب ) يقع فى جزأين :-
1-    الجزء الاول :  لطيف المختار ، قريب المتناول يقع فى /288 / صفحه وفيه :
أ – مختارات شعرية متنوعة من العصر الحاهبى
ب – مختارات شعرية ونثرية لبقية عصور الادب العربى من صدر الاسلام حنى العصر الحديث ، إذ ينتهى الاختيار عند البارودى وحفني ناصف وإسماعيل صبرى من الشعراء ، و عند المنفلوطى وسعد زغلول ، ومحمد المويلحي ، من الكتاب .
2- الجزء الثانى : جزيل المختار ، مفتن الاغراض ،  يقع  فى 567 صفحة  ، وقد سار فيه  المؤلفون على نفس المنهج الذى سلكوه فى الجزء الاول ، ولكن عدد الادباء ونصوصهم المختارة هنا اكثر ، وقد يشترك الجزآن فى بعض المختار .
هذا وقد امتلأت هوامش الكتاب بشروح وافية للالفاظ حيناً ، والابيات حيناً اخر، وتمتاز هذه الشروح بالجودة والوضوح واليسر ، مع مناسبتها للنصوص المنتخبة التى شكلت شكلاً تاماً .
طبع كتاب (المنتخب ) بجزأيه فى مطبعة دار الكتب المصرية  بالقاهرة سنة          135 هـ __ 1931 هـ  . 







(31 )


المجانــــى الحديثـــة
اصل هذا الكتاب :( مجانى الأدب فى حدائق العرب ) الذى نشره لويس شيخو اول مرة سنة 1823 م فى ستة اجزاء .
ولكن ( مجانى الادب ) هذا جاءت مختاراته فى مواضع كثيرة ، بعيدة عند اصولها ، وميداناً للتصرف فيها ، يضاف الى ذلك مرور قرن من الزمان تقريباً على الطبعة الاولى ، وفى خلال هذه المدة الطويلة طبعت كتب ودواوين كثيرة ، وحققت مصنفات عربية قيمة فى اوربا والهند والبلاد العربية ، هذا الى تقدم الدراسات الادبية والتاريخية فى عصرنا ، الذى اصبح يتطلب دراسة التطور التاريخى فى تسلسل اثار الادباء والعلماء والمفكرين عصراً فعصراً ، والادب صورة الامة فى حياتها ، وتطورات مظاهر هذه الحياة .
هذه العومل مجتمعةً حدت لجنة من الاساتذة بإدارة فؤاد البستانى الى تجديد (مجانى الادب ) إختياراً  ، ودرساً ، وشرحاً ، وتبويباً ، فكان من ذلك كتاب اخر سمى ( المجانى الحديثة ) صدر منه حتى اليوم خمسة اجزاء تحتوى على منتخبات شعرية ونثرية من الادب العربى فى  مختلف عصوره ، على الترتيب الزمنى مع شروح مفيدة  مرفقة بالنصوص نفسها .
وهذه الاجزاء هى :
1-    العصر الجاهلى : ويقتصر على الاشعار وحدها .
2-    عصر صدر الاسلام : يضم الشعراء ، والخطباء والمترسلين .
3-    فى العصر العباسى ( الشعر )
4-    فى النثر العياسى  .
5-    والجزء الخامس يضم :
أ‌-    الادب الاندلسى (شعره ونثره ) .
ب – الادب المشرقى فى عصر الانحطاط (شعره ونثره )
وقد سارت اللجنة فى جميع مواد الكتاب  وترتيبها وفق الخطة التالية :-
1-       جعلت ددرج الاجزاء – كما رايت – مبيناً على تسلسل السنين والاحقاب وهذا الترتيب هو الموافق لطبيعة الاشياء .
(32 )


2-        قدمت على منتخبات الشاعر او الكاتب ملخصاً تاريخياً نقدياً حياته وقيمة اثره ( من ديوان او غيره ) وملخصاً فى وجود هذا الاثر ومكان طبعه وزمنه .
3-       ارفق كل نص بشرح مفرداته الصعبة ، بوضوح ويسر ، مع زكر مناسبة النص المختار ، واهميته .
4-       جمعت اللجنة بين المتماثلين من الشعراء ، والمتزاملين من الكتاب وافردت لكل فئة او زمرة قسماً خاصاً تحدده بكلمة تمهيدية كابشعارء الصعاليك ، مثلاً ، والشعراء الفرسان ... الخ .
5-        ختمت كل جزء بفهارس عامة رتبت فيها كل ماتضمنته المنتخبات والشروح من أعلام الاشخاص والقبائل والاماكن والنبات والحيوان وفهارس اخرى بمعتقدات العرب وعاداتهم واسلحتهم ...الخ مما قد يحتاج اليه الباحث فى الشؤون العربية ، فيتناوله بسرعة وسهولةِ .
6-       طبع كتاب (المجانى الحديثة ) طبعة جيدة فى بيروت سنة (1946م _ 1996 م) باجزائه الخمسة . ووعدت اللجنة بان يكون هناك جزء سادس لمختارات من الادب والحديث فى عصر النهضة .














(33)








عرج = 3012




دراسات نصية من كتب التراث والكتب المعاصرة ، بغرض التعرف على مناهج كل من الاقدمين ومدى مابلغوه من علم واخترعوه من منهج ، اضافة إلى الفوائد التى تجنى من تلك الكتب العلمية بعض تلك الكتب وابداء الراى فيها ، على أن يعرض للاساتذة للتقويم والتوجيه .
    

















                                                                                






بسم الله الرحمن الرحيم
جــــامعــة الدلــنج 
كلية التربية - قسم اللغة العربية










مقرر اللغة العربية عرج 3012
الفصل الدراسى الخامس






إعداد دكتور/ نميرى سليمان على


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق